من هو المحرم الذي يكون للمرأة في الحج؟ قالوا أولاً: الزوج.
ثانياً: من كانت المرأة تحرم عليه تحريماً مؤبداً، أما إذا كان زوج أختها، أو زوج خالتها، أو زوج عمتها، فهي لا تحل له، لئلا يجمع بين الأختين، ولا تنكح المرأة مع عمتها أو خالتها، لكن هذا التحريم مؤقت، لأنه إذا ماتت الأخت أخذ أختها، وإذا ماتت البنت أخذ خالتها، وهكذا يمكن أن يأخذ الواحدة منهن على انفراد، وقد يطلقها في الطريق، وتحل له هذه بعد طلاقها وخروجها من العدة، فالمقصود بالتحريم أن يكون مؤبداً.
والعجيب أن نجد قولاً لـ مالك رحمه الله، يستثني من هذا التحريم المؤبد الأخ من الرضاع، وولد الزوج، فالأخ من الرضاع محرم على التأبيد، وولد الزوج محرم؛ لأنها زوجة أبيه، ويعلل ذلك بفساد الزمن، فإذا كان في زمن مالك يمنع أن يكون ولد الزوج محرماً في السفر مع زوجة أبيه لفساد الزمن، فماذا نقول في وقتنا الحاضر؟ إذاً: المسألة تحتاج إلى تحفظ واحتياط.
ولكن للأسف فإننا نشاهد مجيء المرأة بدون محرم في حلها وترحالها، عند ركوبها السيارة، عند نزولها، وعند وجودها في منى، وعند وقوفها في عرفات، فلو أرادت أن تشرب ماءً، أو أن تريق ماءً، فإنها في حاجة إلى من يكون معها، ويأخذ بيدها إلى قضاء حاجتها.
إذاً: إذا كان المولى سبحانه أعفى المرأة ولم يوجب الحج عليها إذا لم يكن لها محرم، فلا حاجة أن تغرر بنفسها، ولا حاجة أن نشجعها على مخالفة السنة النبوية المطهرة، لكن إذا حدث وجاءت فهل نردها؟ لا نملك ذلك، وسنقع في المحظور، ولكن ينبغي أن يُعرف هذا الحديث ويحفظ ويعلّم ويدرس قبل أن تخرج المرأة من بيتها، وأنتم الآن وقد علمتم ذلك، فقد حملكم الله الأمانة، وحملكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال:(ألا فليبلغ الشاهد الغائب فرب مُبَلغ أوعى من سامع) ، وقال:(رحم الله امرأً سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) .
إذاً: هذه قضية عامة ينبغي أن تراعى.
ونجد بعض الناس يقول: المرأة إن كانت شابة فتمنع؛ لأنها موضع الفتنة، وإن كانت عجوزاً فلا مانع، ونجد الآخرين يقولون: لكل ساقطة لاقطة، فالعجوز لها عجوز أيضاً، ولكن: آخر ما يمكن أن يقال: سددوا وقاربوا، والله تعالى أعلم.