حين ننظر في هذه المواقيت، فسنجد أن أهل المدينة يهلون من: ذي الحليفة.
وقوله:(وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، يعني: المواقيت توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يملك أحدٌ أن يغير أو يبدل فيها، ولا نقول: المسافة طالت على أهل المدينة، دعونا نقدمها قليلاً، ولا نقول: المسافة قريبة على أهل اليمن، دعونا نبعدها قليلاً، فما دام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتها فتبقى على توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا فكرنا أو تخيلنا قليلاً بحثاً عن العلة فقد يقال: إن معزة المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلته يربطها بحرم مكة، فيخرج من حدود حرم المدينة إلى حدود الإحرام بالحج؛ لأن حرم المدينة من: ثور، وهو: الشمال الغربي من أحد إلى عير، وهو المحاذي لذي الحليفة، فإذا كان حد الحرم ينتهي إلى عير عند ذي الحليفة، والمحرم من المدينة يحرم من ذي الحليفة، يعني: لا يخرج من حرم المدينة إلا بإحرام إلى حرم مكة، فيكون على ارتباط واتصال، وأما الشام ومصر، وأهل حوض البحر الأبيض المتوسط -والبحر الأبيض المتوسط كالبحيرة، وهو كالحوض الكبير جداً- فيشمل كل من يأتي من الشمال من إيطاليا وما حولها، إلى تركيا، وإلى سوريا، وإلى لبنان، وإلى وإلى ويدخل على البحر الأحمر، ومن ذلك مصر، ومن يأتي أيضاً من المغرب إن جاء عن طريق البحر الأبيض، فكل من جاء عن طريق البحر الأبيض إلى البحر الأحمر فإن ميقاته الجحفة، والجحفة قرية كانت في محاذاة رابغ على ساحل البحر، لكن البحر مع المد والجزر جحفها؛ فسميت الجحفة، وأصبح الميقات الآن في محاذاتها، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله، ووقّت لأهل اليمن: يلملم، وهو موضع معروف لأهلها على بعد مرحلتين، والجحفة على بعد خمس مراحل، وذو الحليفة على بعد تسع مراحل، وقرن المنازل وهو لأهل نجد على بعد مرحلتين، ووقّت لأهل العراق ذات عرق، وقيل: الذي وقت هذا الميقات هو عمر.
ويهمنا قوله رضي الله عنه في الحديث المتفق عليه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة،ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرن المنازل) .