في هذا تعريض باليهود وهم موجودون ويسمعون، وكل التوراة أنزلت على موسى وأتباعه من اليهود، وقد علموا أن هذا النبي الأمي للناس جميعاً، كما قال تعالى:{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}[البقرة:١٤٦] ومع ذلك يعرضون، فكأن خطبة الجمعة وصلاتها مقارع على رءوسهم، فهذه النعمة التي فاتتهم، وهذا الفضل من الله الذي حرموه؛ مثلهم فيه كما قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}[الجمعة:٥] .
ففيها تأييد للمؤمنين، وفيها تقريع لليهود، وتأتي بعدها سورة المنافقون فتشمل القسم الثالث.
قال تعالى:{بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}[الجمعة:٥] أي: وهم يعلمون صدقها، ويعلمون صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا يستفتحون على الأوس والخزرج قبل البعثة بأنه سيبعث نبي آخر الزمن ونتبعه ونقتلكم معه شر قتلة، {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}[البقرة:٨٩] .