قوله:(فقام الناس معه) : لماذا قام الناس معه وهم يعلمون بأن هذا موطن جلسة؟ عند هذا يبحث العلماء مسألة: إذا كان المأمومون يعلمون نسيان الإمام عند هذا الموطن: فهل يتابعونه مباشرة أو ينبهونه؟ قالوا: يتعين على المأمومين أن ينبهوه.
وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث أنهم نبهوه وسبحوا، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يرجع، وفي بعض الروايات:(أشار إليهم أن قوموا، فقاموا) .
لماذا لم يرجع الإمام؟ قالوا: هناك مقياس للإمام وللمنفرد، إذا كان الإمام قد نسي الجلوس ونهض للقيام فينبه، فإن كان أقرب إلى الأرض رجع، وإن كان أقرب إلى الانتصاب استمر.
إذاً: لم يرجع صلى الله عليه وسلم حينما نبهوه؛ لأنه كان أقرب إلى الانتصاب والقيام، فحينئذ من حقه عليهم أن يتابعوه، فهو قام نسياناً، وهم قاموا متابعة.
قوله:(فقام الناس معه) .
هل قام الناس معه ابتداء؟ الجواب: لا، وإنما بعد أن نبهوه، وبعد أن قارب القيام، وأصبح من حقه أن ينهض، ومن حقه عليهم أن يتبعوه ويتابعوه، لقوله صلى الله عليه وسلم:(إنما جعل الإمام ليؤتم به) .
وفي سجود السهو حينما سجد وسجدوا معه، هو سجد لنسيانه، وهم ما نسوا، ولكنهم تركوا الجلوس والتشهد فسجدوا معه، فإذا كان السهو من الإمام فقط ولم يكن من المأمومين، فسجد الإمام لسهوه، فيسجد المأمومون معه، وسيأتي في بعض الصور: لو قام الإمام في الخامسة والمأمومون يعلمون أنها الخامسة، فنبهوه فلم يسمع لهم؛ لأنه لم يثق بكلامهم، وكان يقينه في نفسه أنها الرابعة، فمن قام من المأمومين مع الإمام مع علمه ويقينه أنها الخامسة بطلت صلاته، وعلى أولئك الموقنين بأنهم أتموا الأربع، وأن هذه ركعة زائدة عليهم؛ أن يبقوا في مكانهم حتى يأتي الإمام بيقينه، ويتشهد ويسلم، وإذا علم أو تأكد أو ثبت عنده بعد أن جاء بالخامسة أنها زائدة، فيتعين عليه أن يسجد للسهو، وأولئك الجلوس الذين لم ينهضوا معه ولم يأتوا بزيادة سهواً ولا عمداً عليهم أن يسجدوا معه تبعاً له، ثم يسلموا مع تسليمه.
إذاً: قام الناس معه اتباعاً وأداءً لحق: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) .