وقوله في هذا الحديث:(اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) ، متى يكون العمل حسناً؟ هذا الذي ينبغي الحرص عليه، ويكون ذلك بثلاثة أمور: الشرط الأول: أن يكون مشروعاً مطابقاً لما جاء عن الله وعن رسول الله، فلا تأتي بعبادة لله من غير ما شرع الله، فيقول لك: أنا ما شرعت هذا، ولما تعبد الله بغير ما شرعه رسول الله يقول: أنا ما جئتك بهذا، إذاً: المبدأ الأول في صلاح العمل وإحسانه: أن يكون مطابقاً لما جاء عن الله وعن رسول الله؛ لأنها عبادة لله، فالله الذي تعبدنا هو الذي بيّن لنا كيف نعبده، وهل ندري ما يرضيه وما لا يرضيه؟ لا نعلم؛ فلما بيّن لنا وشرع لنا وأمرنا ووجهنا يجب أن نلزم ذلك، ومن هنا نعلم: أن كل من تعبد الله بغير ما شرع الله أو بغير ما سن رسول الله فهو خارج عن هذا الباب، ولذا يقول صلى الله عليه وسلم:(كل عمل ليس من أمرنا فهو رد) ، أي: مردود على صاحبه.
وإمام دار الهجرة رضي الله تعالى عنه يقول:(لن يصلح أمر آخر الأمة إلا ما أصلح أولها) ، فما كان عليه السلف الصالح من منهج في العبادة واقتصاد في العمل فهو المبدأ الأساسي.
الشرط الثاني: أن الإنسان يأتي بهذا العمل خالصاً لوجه الله، {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[البينة:٥] ؛ ولذا شرع أن يقول المصلي عقب الصلاة:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له) .
الشرط الثالث: أن يكون العمل صادراً من مؤمن لا منافق أو كافر؛ لأن الكافر قد يطعم المسكين، ويكسو العريان، ويبني الطرق والمدارس والمستشفيات، ولكن هل يُعد له عملاً صالحاً كما يعد للمؤمن؟ لا، وهل يضيع عمله؟ لا، فالله سبحانه وتعالى حكيم عليم، عادل لا يضيع أجر من أحسن عملاً؛ فإذا عمل الكافر عملاً قال له: لك عملك، ويعطيه ويعوضه في الدنيا بقدر ما أحسن فيها، أما في الآخرة {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}[الفرقان:٢٣] ؛ لأنه لم يكن على قاعدة، ولم يعمله إيماناً بالله، وإنما عمله مجاراة للناس أو لجلب مصالح، أو لأمر آخر؛ فيأخذ أجره عاجلاً.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاث كان العمل صالحاً حسناً.