بقي ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم:(هن لهن ولمن أتى عليهن ممن كان يريد الحج والعمرة) مفهوم المخالفة: من أتى عليهن ولم يكن يريد الحج ولا العمرة هل نلزمه بالإحرام؟ لا نلزمه بالإحرام؛ لأن التوقيت لمن أراد النسك، ومن أراد أن يدخل مكة لتجارة لزيارة لاعتكاف لشيء آخر من غير العمرة أو الحج فله أن يجتاز المواقيت من غير إحرام، ولكن وجدنا الفقهاء رحمهم الله قالوا: من أراد الدخول إلى مكة وكان قد مضى عليه من إتيان مكة زمن طويل لا ينبغي أن يدخل مكة غير محرم بعمرة توقيراً وتعظيماً للبيت، وبعضهم حدد بعض الأشهر، وبعضهم قال: لا يزيد عن أربعين يوماً، واستثنوا من ذلك صاحب التردد: كالحطاب، وصاحب البريد، والآن بعض الناس يعمل في جدة وهو ساكن في مكة، ويومياً يسافر إلى جدة، والعكس رجل يعمل في مكة وهو ساكن في جدة، فهؤلاء لا يدخلون في هذا الحكم، ولكن إن تيسر له فالحمد لله، وإن لم يتيسر له فليس بواجب عليه، وقد أخذ الفقهاء هذا الحكم من فعله صلى الله عليه وسلم في عام فتح مكة، حيث دخل مكة وقد مر بذي الحليفة ولم يحرم، ودخل مكة وعلى رأسه المغفر، والمحرم يكشف رأسه، وما أتى عنه أنه صلى الله عليه وسلم أول ما جاء مكة أنه طاف؛ لأنه كان مشغولاً بأمر وبشئون فتح مكة، فاستدل العلماء بذلك على أن من دخل مكة لغير نسك، بتجارة أو زيارة أو أي شيء آخر فليس عليه أن يُحرم، وإنما يدخل دخولاً عادياً، هذا ما يتعلق بالمواقيت.