وفي بعض الروايات:(فتمعر وجهه صلى الله عليه وسلم، وقال: ما لك ولها؟) .
[ (معها سقاؤها وحذاؤها) ] .
سقاؤها، أي: أنها تحمل الماء الذي يكفيها الأيام العديدة، وخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه لما عزم أن يأتي من العراق إلى الشام نجدة لـ أبي عبيدة قال: من يدلنا على طريق قريب؟ فقال له شيخ كبير: إن الطريق صفته كذا وكذا، وهو نصف المسافة، ولكن ليس هناك ماء في الطريق إلا مسيرة عشرة أيام، فخاطر ومشى، ولكن ماذا فعل؟ عطش الإبل عدة أيام، ثم ورد بها إلى الماء فشربت وملأت بطونها، ثم جاء على العجاف من الإبل التي لا تحمل المتاع، ولا هي ذات لحم كثير، وربط أشفارها حتى لا تجتر، فكان كل يوم أو يومين ينحر من هذه الإبل العجاف ويتلقى الماء الذي حملته في كرشها، فيسقي الخيل، فكان كأنه اصطحب معه صهاريج من الماء تمشي، وكانت هذه الإبل انتهت عند موعد الماء الوحيد.
والرجل كبير السن هذا كان قد كف بصره، قال: انظروا في منحى الجبل، فنظروا فلا في شيء، قال: ويحكم! إن لم تجدوها هلكتم، ليس هناك ماء إلا بعد ثمانية أيام، ثم رجعوا أخرى يبحثوا، قالوا: في المنحى نجد أغصان شجرة تحت الرمل، قال: اكشفوا عنها، فكشفوا عنها، فإذا بالعين تحت تلك الشجرة، فشربوا.
(فمعها سقاؤها) في قصة خالد سقاؤها وسقاء غيرها؛ لأن الإبل تصبر على العطش وتحمل من الماء ما يكفيها ثلاثة وأربعة وخمسة أيام لا ترد الماء.
[ (وحذاؤها) ] نحن نعلم أن الحذاء لباس الإنسان، ولكن الإبل لديها أيضاً أحذية؟ وهذا من الاستعارة، أي: تشبيه الخف بالحذاء في المعنى العام، وهو وقاية القدم في الوطء، ولهذا الإبل تطأ الشوك والحجارة؛ لأن خفها أقوى من النعل في رجل الإنسان.
إذاً: معها مقومات الحياة والسلامة: إذا لم تجد ماء فمعها سقاؤها لا تعطش.
والمشي معها نعالها -حذاؤها- تمشي مكان ما تريد، وتأكل من ورق الشجر.
إذاً: لا خوف عليها من الذئب، فتركها في مكانها أقرب إلى وجود صاحبها إياها، أما أن تأخذها يتبعك صاحبها؟ فقالوا: ترك هذه واجب ولا يحق له التقاطها.