أما المواقيت فإننا بالتأمل نجد هذه المواقيت وفيها مباحث عديدة من جانب المعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن باب بيان علاقة الحرمين معاً، ومن باب الآداب التي يجب التزامها عند الدخول على البيت، أما تلك المواقيت فوجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم حج سنة عشر، وبيّن المواقيت، وانتقل إلى الرفيق الأعلى سنة عشر والإسلام لم يخرج من جزيرة العرب، إنما وصل إلى اليمن، وكان حده إلى تبوك ولم يتعد النهرين، ولم يعبر البحر الأحمر، ولكنا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع الحد في المواقيت لأهل الشام، وأهل العراق، ولم يكن هناك شام مسلم، ولا عراق مسلم، ولا مصر مسلم، فيكون ذلك من باب المعجزة أن الله تعالى أعلمه بذلك، وهو مستفاد أيضاً من منطوق:{لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}[التوبة:٣٣]{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ}[سبأ:٢٨] وأن الدين سينتشر، وكما قال في غزوة الأحزاب، لما استعصت عليهم الكدية، وضربها بالمعول ثلاث ضربات، فأبرقت عند كل ضربة، وكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تكبيرات، وقال في الأولى:(الله أكبر! فتحت مدائن كسرى) وكان بعض المنافقين يقول: نحن خائفون على أنفسنا، وهو يقول لنا: فتحت مدائن كسرى! ولكن المؤمنين صدقوا ذلك، وكان أبو هريرة يقول:(اغزوا ما شئتم، واغنموا ما شئتم، فقد أخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل) .
إذاًَ: هذه المواقيت التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقتها لأهلها قبل أن يأتي الإسلام إليهم فيه توطيد وتشريع مسبق للشمول.