ولا يخرج من معتكفه لحاجة إلا لما لابد له منه، وهو كما يعبر عنه بقضاء حاجة الإنسان، وهنا يبحث بعض العلماء والفقهاء في مسألة وهي: إذا كان هناك إنسان له ضيعة بساتين، أو له تجارة وعنده غلمان يعملون له، وهو الذي يديرها، فهل يجوز له أن يديرها ويشير بما يراه، ويأمرهم أن افعلوا كذا وكذا وهو في معتكفه أم لا؟ الجمهور يجيزون ذلك؛ لأن فيه حفظ ماله وليس فيه طول اشتغال.
ويبحثون في مسألة أخرى وهي: إذا كان هناك إنسان معتكف وليس عنده مصدر للأكل والشرب إلا من صنعة يديه، كأن يكون خياطاً يخيط الثياب، أو وراقاً ينسخ الكتب والأوراق، أو يعمل أي شيء من العمل اليدوي، فهل يجوز له أن يعتكف ويزاول ما يمكن أن يعيش به وهو في معتكفه أو أنه لا يصح له اعتكاف مع هذا العمل.
نجد كثيراً من العلماء يقولون: إن توقفت معيشته على صنعة يده وكانت الصنعة لا تتنافى مع حرمة المسجد، كالحدادة التي فيها دق بالمطارق وأصوات ونفخ كير، ولا كالدباغة؛ لأن فيها روائح غير مقبولة، قالوا: فإن كان عمله لا يؤثر على حرمة المسجد ولا يؤذي المصلين ولا يضيق عليهم فلا مانع؛ لأنه لا يمنع من فعل الخير، فهذا لا يخرج من معتكفه إلا لحاجة الإنسان.