وقوله:(ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش) .
مثلاً: إنسان صاحب تجارة، وله سفن في عرض البحار، تحمل تجارته ورأس ماله، فجاءت (أمواج عاتية، ورياح صاخبة، فأغرقت تلك السفن، فهذه جائحة أصابت ماله، وبقي لا مال عنده، فهل نتركه على هذه الحالة؟ لا، بل تحل له المسألة، وهل يسأل حتى يحصل على ما فات عليه؟ لا، فقد يكون فات عليه الشيء الكثير جداً، ولكن كما قال عليه الصلاة والسلام: (حتى يصيب قواماً من عيش) ، أي: المال الذي يقيم حياته ومعيشته على نمط أمثاله في حياتهم، ولا نقول: ينبغي أن يكتفي بأقل ما يمكن أن يعيش به إنسان، فإذا كانت له عائلة، وله أولاد، وله التزامات، فإن له أن يسأل (حتى يصيب قواماً من عيش) ، حتى يكون كأمثاله في حياتهم اليومية، لا أن يستمر في المسألة حتى يستعيض كل ما افتقده من تجارته، فقد يكون افتقد الشيء الكثير.
ومثل ذلك إذا أصيب ماله بحريق أو بغرق أو بلصوص، المهم أي جائحة عامة اجتاحت ماله، كان بالليل غنياً فأصبح فقيراً كما قيل: وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل وما يدري الفقير متى غناه، فالغني أمر بيد الله، وما يدري الغني متى يعيل: يعيل بمعنى: يفتقر: وما تدري وإن ذمرت سقباً يكون لك أم لغيرك ذا الفصيل إذا كانت لك ناقة حامل، وذمرت سقبها، فلا تدري: أيكون لك هذا الفصيل، وتعيش حتى يكبر وتستمع به أم تتركه مع عنايتك به لغيرك؟ فهذه أمور غيبية لا يعلمها إلا الله، ولا يقدر قدرها إلا الله، فإذا كان إنسان صاحب مال واجتاحت ماله جائحة، فتجب مساعدته من باب التعاون الإسلامي، أو كما يقولون: التضامن الاجتماعي، فأخوة الإسلام تجعل المسلم مع المسلم كالجسد الواحد، وأي فرد آخر أصيب بمثل ذلك فيساعده الجميع، فهو أخوهم قد أصيب بهذه الجائحة، فمن حقه عليهم أن يساعدوه، (وله أن يسأل حتى يصيب قواماً من عيش) .