[التناسب والتقارب في أنصبة الغنم والإبل]
والنقطة التي نريد أن نشير إليها، ويمكن لبعض الإخوة الذين يشتغلون في المحاسبات والهندسة والضرائب أن يكون لهم فيها دقة أكثر وهي: النظر بين أنصباء الأموال، نحن نشير إلى النسبة التقريبية بين الإبل والغنم، ثم إذا جئنا إلى الذهب والفضة نجمل الجميع إن شاء الله؛ لنرى أن تلك الأنصباء في الأموال ليست عفوية، وإنما وضعت بدقة وحكمة، ولما عرضت ذلك على شخص يعتبر من كبار المحاسبين قال: هذا جديد في الإسلام، قال: ما كنت أحس بهذا أبداً، وكنا نظن أنها أمور توقيفية لا دخل للعقل فيها.
قلت: هذا بمنطق الحساب والأرقام كلها متساوية، وليس هناك عفويات، بل وضعت بترتيب وحكمة متعادلة.
إذا جئنا إلى الإبل وإلى الغنم نجد أول نصاب في الإبل؟ خمس، وأول نصاب في الغنم أربعون، ما نسبة الأربعين شاة إلى الخمس من الإبل؟ نأتي إلى تقييم الإبل بالغنم، كم تقوم الإبل بالنسبة إلى الغنم شرعاً؟ نحن عندنا في الحج ما استيسر من الهدي {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:١٩٦] أقل الهدي شاة أو سبع بدنة، أي أن: البدنة تنوب عن سبع شياه، هذا هو التقدير الشرعي.
تأمل هنا: (٥×٧=٣٥) ، أي أن الخمس من الإبل تعادل خمسة وثلاثين من الغنم، فلو أننا جعلناها ستاً من الإبل فستزيد لأن (٦×٧=٤٢) ولو جعلناها أربعة فستنقص لأن (٤×٧=٢٨) ، فأقرب عدد في المعادلة بين الإبل والغنم هو الخمس من الإبل حيث تعادل الخمسة والثلاثين، وهي قريب من الأربعين، ولو غيرنا عدد الإبل إلى ست أو أربع لحصل ظلم على المالك بزيادة شاتين، أو حصل ظلم على المساكين بتنقيص كذا شاة.
إذاً: أنصباء الإبل مع أنصباء الغنم متوازية.
سنأتي إلى نصاب الذهب مع الغنم ومع الإبل عندما نأتي إلى الذهب والفضة إن شاء الله.
قوله: (فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاةً شاةٌ واحدةٌ فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها) .
أي أن أقل من الأربعين ليس فيها شيء.
قوله: (ولا يجمع بين متفرق) .
المبحث الآتي مترتب على ما تقدم مراعاة لحالات الرعاة، فهم عندما يخرجون إلى البر والمرعى في الصحراء، لا يستطيع الراعي فصل غنمه عن غنم الثاني، ولا إبله عن إبل الثاني، وكلها ترعى في مرعى واحد، وهناك قد يرجع كل راع بما يرعاه لصاحبه، وليست هناك خلطة، أو يكون الرعاة اتفقوا على الخلطة وخلطوا المالين معاً، ولا فرق بين فحل هذه الإبل وفحل تلك: ففحل هذه يطرق نياق تلك، والعكس، ولا في الحلب: فهذا الراعي يحلب هذه، وراعي ذاك يحلب هذه، ويخلطون الحليب سوية، ويرجعون إلى مراح واحد على ما يأتي في شروط الخلطة وأحكامها، وهي من أدق أبواب الفقه في باب الزكاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.