القسم الثاني: شركة الأبدان، وهي اشتراك بالأبدان، وليس فيها ولا فلس، ليس فيها مال، مثل اشتراك اثنين بمجهودهما، مثل اشتراك قوي وضعيف، ارتضيا أن يكونا شريكين بما يعملانه بأيديهما، مثلاً قال أحدهما: يا فلان! أنا أعمل لحالي، وأنت تعمل لحالك، وبعض الأشياء تكون ضخمة وكبيرة وتتعبنا، فدعنا نشترك، أنت تجمع وأنا أجمع، ونكوّن انتاجاً واحداً، ونكون شركاء فيه.
مثاله: جماعة ذهبوا يحتشون الحشيش، هذا يحش ويتبع الموجود هنا، وذاك يحش من هناك، وذاك من هناك، ويجمعونه كله، وهم شركاء في هذا المحصول، ومثله أن نصطاد، أخذنا سنانير، وأخذنا شباك، وذهبنا نصطاد بأبداننا بلا مال.
وهذا النوع من الشركة يمنعه الشافعي رحمه الله، ويقول: كل منهما يعمل عملاً، فيجب أن يكون عمله لنفسه، هذا اجتهد وحصل شيئاً كثيراً، فكيف يأخذ الثاني من حصيلة هذا؟ فصاحب الجهد الكبير حقه أكثر، والثاني جهده قليل وحقه قليل، ولكن الجمهور يقولون: هذا جائز؛ لما سيأتي من حديث: اشتركنا يوم بدر.
فشركة الأبدان جائزة عند الأئمة الثلاثة رحمهم الله، والهيكل فيها الأشخاص، حتى قال الحنابلة: لو اشترك جماعة بأبدانهم.
في بناء عمارة، فأتوا بالحديد، وعملوا الصبة، واشتغلوا حتى أكملوها، فلا مانع.
ولو اشترك أربعة في الصيد، وفي يوم من الأيام أحد الشركاء مرض، فذهب ثلاثة، فما حصل عليه الثلاثة فالمريض يشاركهم؛ لأنه شريكهم وتخلف بعذر، وإذا طال مرضه وطالبوه أن يقيم مقامه شخصاً آخر وجب عليه ذلك، فإذا جعل معهم رجلاً نيابة عنه فلا مانع.
وإذا قال: والله! ما عندي أحد، ولا أملك إلا نفسي، فيقولون: إذاً فسخنا شركتك معنا، وبعد ما كانت الشركة بأربعة صارت بثلاثة.