للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية صلاة المضطجع]

إذا كان الشخص لا يستطيع أن يتماسك نفسه جالساً متربعاً، نظرنا لقواه العقلية، وهل الإدراك موجود أو لا؟ إن فقد الوعي والإدراك سقطت عنه الصلاة، وإن كان متوافر العقل مدركاً، ويفهم معنى الصلاة والمرض بدني وليس عقلياً، نقول له: ما الذي يريحك؟ يقول: دعوني اضطجع على شقي الأيمن، ويتمدد ويجعل وجهه تجاه القبلة، فإذا كان على جنبه الأيمن له عذره فعلى جنبه الأيسر، ويجعل أيضاً وجهه تجاه القبلة، وهناك من يقول: إن عجز عن القعود يستلقي على ظهره، وهو أولى من أن يتكأ على جنبه، ولكن في الحديث: (فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنبه) ، فالحديث قدم الجنب، وهناك من يقول: الجنب في المرتبة الثالثة، وبعد القعود مباشرة يستلقي على ظهره على أن تكون قدماه تجاه القبلة.

إذاً: نبهوا الذين يرون إنساناً نائماً مستلقياً على ظهره في المسجد فيوقظه فيقول له: ماذا بك؟ قال: كيف توجه رجلك للقبلة، ويستنكرون هذا، ويفزعون النائمين المساكين، لماذا؟ هذه كما يقال: الضجعة الصحيحة، وقالوا في ذلك: حينما يصلي مستلقياً على ظهره سيومئ برأسه للركوع والسجود، فإذا أومأ للركوع أو للسجود فإنه وجهه سيكون على القبلة، ولا يجوز أن يُدير رأسه إلى القبلة؛ لأنه إذا أومأ يكون مومئاً إلى غير القبلة.

الآخرون قالوا: لا يضطجع على شقه الأيمن كما يضطجع الميت في لحده على شقه الأيمن مستقبلاً القبلة؛ لأنه حينما يكون الإنسان على شقه الأيمن ويريد أن يومئ وهو نائم ووجهه إلى القبلة يومئ إلى جهة غير القبلة، ومن هنا قالوا: يضطجع على ظهره أولى، ولكن النص في الحديث: (على جنبه) ، وأصحاب الاضطجاع قالوا: لا، أو أصحاب الجنب قالوا: هو وإن كان في إيمائه سيتجه لغير القبلة، لكن السليم الذي يقوم ويركع ويسجد في حالة القيام مستقبل القبلة تماماً؛ وحينما يركع وجهه إلى الأرض، إذاً: انصرف عن القبلة إلى الأرض، قالوا: هذه حالات تطرأ على المصلي، وليس فيها انصراف عن القبلة يبطل الصلاة؛ لأنها طبيعة الركوع والسجود، فإذا كان المصلي مضطجعاً فقد استقبل القبلة بوجهه، وما يطرأ عليه من اتجاه بوجهه عند الإيماء لغير القبلة فهو نظير الراكع الساجد ينصرف وجهه عن القبلة.

الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن من صلى مضطجعاً على جنبه وسيومأ وستكون إيماءاته لغير القبلة، ومع ذلك قال: (مضطجعاً) .

هذه حالة العاجز عن القيام ويريد أن يصلي مضطجعاً أو مستلقياً.

هناك ناحية أخرى: إن لم يستطع القيام ولا الجلوس متربعاً أو متحافزاً أو محتبياً أو أو وتمدد في الأرض مضطجعاً أو مستلقياً، لكنه لا يستطيع أن يومئ برأسه محل الركوع والسجود، ماذا يفعل؟ نرجع أيضاً إلى الأصل: إذا كان الإدراك موجوداً ويفقه معنى الصلاة ويتكلم بها وبمعانيها، ولكن الرأس ثقيل، ولا يقدر على حراكه، أو المرض في عنقه أو بأي حالة؛ قالوا: يرمش برمش العين، في الركوع نصف غمضة عين، وفي السجود يغمضها، فسبحان الله! إلى هذا الحد، إذاً: أي عذر في الدنيا لا يُسقط الصلاة.