قال المؤلف رحمه الله:[وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه] .
هذه أيضاً صورة من صور كيفية دخول مكة، كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لا يأتي إلى مكة، أي: من المدينة إلا بات بذي طوى، وذو طوى هو المعروف الآن عند الناس بالزاهر، وهو من أبواب مكة، للقادم من جدة، وكانت كل هذه معلومة للناس بتناقلهم إياها، ولا زالت حتى الآن يقال لها: الأبواب، أو باب مكة، والمنزل الذي نزل به ابن عمر يرجع إلى الشرق من جهة التنعيم، ما بين التنعيم وما بين باب مكة، وهو معروف إلى الآن بالزاهر، وكان بستاناً كبيراً جداً، وقد أخذت عدة مرافق من نفس هذا البستان، وهو على طريق المدينة المؤدي إلى مكة، فكان ابن عمر إذا جاء مكة نزل وبات على أبواب مكة، واغتسل ثم دخل مكة نهاراً، فسئل فأسند ذلك إلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا يقول العلماء: من صفة دخول مكة للمحرم لعمرة كان أو لحج إذا أتى من ذاك المكان فعليه أن يبيت ويغتسل، وإذا أصبح يدخل مكة، وهل مبيت الرسول بذي طوى كان نسكاً أو أنه وصل ليلاً فأحب أن يبيت خارج البلد، ويدخل نهاراً حتى يتيسر له ولمن معه إدراك المنازل ومعرفة الطرق، أو أنه أيسر لهم في النهار دون الليل، كما قيل في مبيته عند عودته من الحج، لما نزل بخيف بني كنانة بالأبطح، فقالوا: هل نزوله بالأبطح بعدما أنهى الحج تماماً كان للنسك أو أنه كان تيسيراً على الناس في حال خروجهم إلى المدينة؟ كل هذه الاحتمالات واردة.