أما قول:(آمين) ففيها لغتان: الأولى المد (آمين) ، والثانية القصر (أمين) ، وبعضهم ينقل لغة ثالثة هي:(آمّين) بتشديد الميم، ولكنها شاذة وإن صحت لغة، إلا أنها لا تتفق مع السياق والمعنى، لأن (آمّين) بمعنى قاصدين، كما قال تعالى:{وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}[المائدة:٢] ، والجمهور على أن معنى (آمين) : اسم فعل بمعنى استجب، أي: استجب الدعاء المتقدم؛ لأن الفاتحة حمد لله، ثم نعته بصفات الجلال والجمال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٢-٥] ، ثم تأتي أعظم مسألة:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:٦-٧] ، فهذه مسألة عظمة تتوقف عليها سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وهي منهج المسلم في حياته.
والسر في كون تأمينك يوافق تأمين الإمام مع الملائكة: أن تكون مترقباً القراءة لست غافلاً ساهياً عما يقرأ الإمام، فتكون متابعاً للإمام من أول تكبيرة الإحرام إلى أن يفتتح القراءة، وتتابعه كلمة كلمة، آية آية؛ حتى تكون مترقباً لقوله:(ولا الضالين) ، فتنطق بـ:(آمين) .
وعندما يسمع المأموم الإمام يقول:(ولا الضالين) لا ينتظر حتى يقول الإمام آمين؛ لأنه إن انتظر فاتته موافقة الإمام، إذاً: آمين بمعنى استجب، وآمّين قالوا: قاصدين الهداية إلى الصراط المستقيم، لكن المشهور ما عليه الجمهور وهو أن التأمين إنما هو بدون تشديد الميم، فهو: إما أن يكون بالمد وهو ما عليه الجمهور، وإما أن يكون قصراً كما يرويه البعض.
وينبه بعض العلماء على أن المأموم إذا قرأ وكان منفرداً، أو أن الإمام إذا قال:(ولا الضالين) يفصل بين نون (الضالين) وبين مد (آمين) ، لئلا يظن الظان أن آمين جزء من الآية؛ لأنها ليست من السورة.
وجاء عنه صلى الله علي وسلم أنه قال:(أهدى إليّ جبريل آمين بعد الفاتحة) ، إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ الفاتحة وأمنّ ببيان من جبريل عليه السلام، وأمر الناس أن يقولوا: آمين، على ما تأتي النصوص الواردة عند المؤلف رحمه الله.