المنهج العلمي في بحث المسائل الخلافية، يكون بالرفق وحسن القصد، وينبغي أن تكون الغاية عند الباحثين إنما هي الوصول إلى الحق.
ونجد جزئية هي كلية بالنسبة إلينا: فـ أبو هريرة رضي الله تعالى عنه صحابي جليل، سمع أن عائشة رضي الله تعالى عنها روت خلاف ما سمع هو، فهل تعصب لما سمع؟ هل بقي على ما كان عليه؟ بل إنه حالاً نزع عما كان عليه، ورجع إلى الحق، وهذه هي سمة طلاب العلم، والرجوع إلى الحق أحق.
فالإنصاف من سمات علماء المسلمين حقاً، وفي هذا المسجد النبوي الشريف كان والدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه في درسه في رمضان بعد العصر كهذا الوقت، وكان يتكلم على الأشهر الحرم، ثم قال: وليعلم الإخوة أننا كنا تكلمنا عنها سابقاً، وظننا أنها قد نسخت بآيات القتال، ثم الآن تبين لنا أنها لم تنسخ، وأنها محكمة، وأن حرمتها باقية؛ ولهذا وجب التنبيه على ذلك! مسألة تكلم فيها، ومضى عليها زمن طويل، وسمع بها من سمع، ولم يسأله أحد، ولن يطالبه أحد بالتدقيق في ذلك، ولم يناقشه أحد فيما قال، ولكنها أمانة العلم، ولكنه الوفاء للحق، ولكنه الرجوع إلى الله وإلى الحق، يعلنها في المكان الذي أعلن فيه الرأي الأول! أيها الإخوة! إن أجمل ما يتحلى به طالب العلم هو سرعة الرجوع إلى الحق حينما يتبين له، ومن هنا نعلم حقيقة أن غرضه وقصده وغايته من طلب العلم إنما هو الحق، ولا شيء سوى الحق.
والله أسأل أن يوفقنا جميعاً -أيها الإخوة- إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.