[ (ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة, وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع) رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف] .
هذا قيد لابد منه: للبيت لا للبيع.
يقول بعض المشايخ: كان إنسان يأتيه كل يوم برطل حليب وهو يقول له: لا تغش الحليب بالماء، قال: والله يا شيخ! أنت كثرت وأنا كنت أخلط لكن الآن تبت، وفي يوم من الأيام كان خادم هذا الشيخ غير موجود، ومن عادته أنه يخفف الحليب بالماء لأجل الدسم الذي فيه، فلما أخذ الحليب قال له: ناولني الماء أضعه على الحليب، قال: يا شيخ! كل يوم تقول لي: لا تخلط الحليب بالماء وأنت الآن تخلطه بنفسك!! قال: أنا أخلطه لأشرب، قال: هذا حقك وأنا هذا حقي، فمثلما تخلط أنت حليبك بالماء أنا أخلط حليبي أيضاً، قال: أنت عندما تبيعه هكذا فهذا غش، قال: لا.
أبداً كله سوى.
فالقيد هنا للبيت خلط البر بالشعير لا للبيع، ولو كان هنا دكتور من علم الغذاء لشرح لنا غاية الحكمة من البر من حيث هو أصناف قد يصل إلى عشرين صنف، وهو يتفاوت قوة وضعفاً ويسميه العوام عرق، فإن عجينة القمح لو عجنت إلى أقصى وتشبعت بالماء تستطيع أن تصنع منها خيوطاً، هذا الذي يعمل (الكنافة) قال: سبحان الله! (يخلق من العجينة دبارة) ، فهذه لا تصلح تلك الخيوط لا من دقيق الشعير ولا الذرة، لكن تصلح من البر، وطبيعة دقيق البر اليبوسة والقوة.
اترك قطعة من عجين البر على شكل عمود فإذا يبست كل اليبوسة تعجز أن تكسرها، وبعضهم كان يصنع كراسي وسرائر للنوم بعجين البر، يشبعه بالماء ثم يلفه حتى التجبيس حتى يصير قوياً.
إذاً إذا أكل الإنسان من عجين البر وحده كان فيه قوة وحرارة على المعدة، ولا يصلح لكبار السن، ولا لضعيف المعدة، ولابد لهذه القوة في دقيق البر من تخفيفها، والعوام في بعض البلاد يخففونها بالذرة الشامي؛ لأن الذرة الشامي ليس لها عرق يتفتت مثل الرمل، ولو جعلت منه فطيراً لا يمكن أن تجعله مثل الرقاق، ولا يصلح منه الرقاق أبداً؛ لأنه ليس له عرق قوي، فيدخلون الذرة الشامية مع البر الجيد مناصفة، ورب الأسرة لما يخلطها يجعلها أثلاثاً، الثلثين ذرة والثلث براً، البر ليمسك الذرة، ويكون هناك عرق حتى يخبز ويحتفظ به إلى مدة ما.