ولنأت إلى صلاة النهار، وقد جاءت الزيادة فيه هنا (صلاة الليل والنهار) جاء ابن خزيمة والنسائي وقالا: هذا غير صحيح، أي: إضافة (والنهار) ، على أن هذه الإضافة غير صحيحة، فبعض العلماء جاء وقال:(صلاة الليل) ، مفهوم ذلك كيف تكون صلاة النهار؟ هذا الجواب وارد، فقالوا: إن لم تصح زيادة: (والنهار) ، ونقتصر على قوله صلى الله عليه وسلم:(صلاة الليل مثنى مثنى) وقفنا عند الصحيح، فما حكم صلاة النهار؟ فقوم قالوا: مفهوم المخالفة صلاة الليل خلاف صلاة النهار، وصلاة النهار خلاف صلاة الليل، يعني: صلاة النهار أربعاً أربعاً، أو ركعتان أنت مخير فيها، فيقولون: مفهوم المخالفة: أنه ترك صلاة النهار ولم يتعرض لها، وإنما نص الحديث على صلاة الليل، فنحن نعمل الحديث نصاً في صلاة الليل، ونذهب نجتهد في مفهوم المخالفة في صلاة النهار؛ فإن شئنا جعلناها مثنى، وإن شئنا جعلناها أربعاً أربعاً، وقد جاءت النصوص:(من صلى أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها.
الحديث) (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً) فهل هي مفرقة أم مجموعة؟ بل هي مطلقة لم يأت نص يبين حالها، فقوم قالوا: نقيسها على صلاة الليل، ونجعلها مثنى مثنى، وتكون كل صلاة النهار مثنى مثنى لا بالنص الزائد:(والنهار) ، ولكن قياساً على صلاة الليل.
إذاً: منهج البحث العلمي هنا: قوم قالوا بالقياس دون الاعتماد على الزيادة: (والنهار) والقياس معتمد.
وآخرون قالوا: لا، هذا نص خاص بصلاة الليل، فهي مقيدة بمثنى مثنى، والنهار نحن غير ملزمين لا بأربع ولا بركعتين ركعتين.
ولنأت إلى التفصيل عند الأئمة رحمهم الله، فعند الإمام أبي حنيفة رحمه الله، لك أن تصلي الأربع ركعات مجموعة، والأئمة الثلاثة يقولون: الأولى أن تفرقها كما فرقت صلاة الليل؛ لمرجحات كثيرة؛ لأن القاعدة في المسائل الخلافية إذا لم يوجد نص يرفع الخلاف، ولم يوجد ما يرجح أحد الجانبين من النصين بحثنا عما يرجح الخلاف من بعيد، قالوا: إذا صليتها أربعاً بدأت بتكبيرة الإحرام، وجلست في الثانية وقرأت التشهد الأول وقمت، وفي الرابعة تشهدت ودعوت وسلمت، فحصلت الأربع الركعات بتكبيرة واحدة، وسلام واحد، وتشهد كامل واحد، فإذا صليتها مفرقة كانت كل ركعتين بتكبيرة إحرام وتشهد كامل، وتسليم ودعاء مع التشهد، ويمكن دعاء الاستفتاح أيضاً، وإذا كانت مفرقة فهي أكثر لذكر الله، فمن هنا قالوا: الأولى والأرجح أن تصلى مفرقة.
وجماعة وسعوا قليلاً وقالوا: ما دام أنها مثنى مثنى، وجاء في النهار صلاة أربع مجملة، فنحافظ على مثنى مثنى في الليل، وأما في النهار فيكون ممنوعاً صلاة ركعة وتسليمة، أو ثلاث ركعات وتسليمة، أو ست ركعات وتسليمة، لأن غاية ما جاء به النص أربعاً، والنص الآخر:(مثنى مثنى) ويقاس عليه، فليس عندنا نص يفيد أن نتطوع بست ركعات في تسليمة واحدة، فإذا تجنبنا الركعة الواحدة المفردة في النهار والثلاث والست بسلام واحد كان كل صورة بعد ذلك إما أربع كما جاء في سنة الظهر والعصر، وإما اثنتان كما جاء في صلاة الليل، هذا خلاصة ما يقال في صلاة الليل والنهار.