قال رحمه الله: [وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، يعني: الدين بالدين) رواه إسحاق والبزار بإسناد ضعيف] .
سواء إسناده ضعيف أو إسناده قوي، هذا متلقى عند الأمة بالقبول، وهو إجماع واتفاق على أنه لا يجوز بيع الدين بالدين، الكالئ هو الدين، وصورة ذلك: لك عند زيد ألف ريال، وحل الأجل؛ لأن قبل الأجل ليس لك المطالبة، فإذا حل الأجل وجئت تطالبه، ولم تجد عنده سداداً، فعلم بذلك إنسان وقال: أنا أشتري منك ما كان لك عند فلان، إن قدرنا أن لك عنده ألف ريال، أو أن لك عنده إردباً من التمر، أو أن لك عنده قنطاراً من كذا، وجاء إنسان وقال: أنا أشتريه، فقال: بكم تشتري الألف ريال؟ قال: بثمانمائة، وبعد شهرين مثلاً: يكون له عند فلان ألف، وأنت تريد أن تأخذ ثمانمائة، وليس هناك استلام ولا قبض، وبقينا في الدين كما كنا فيه، أو لك عنده قنطار أو إردب من التمر، فقال: أنا أشتريه منك بألفين ريال، فقال: هات الألفين، قال: لا، بعد أسبوعين أو بعد شهر، فرجعنا أيضاً إلى الدين كما كان أولاً.
فكل ما كان بهذه الحالة: بأن يشتري دينك الذي عند فلان بثمن مؤجل ديناً عليه هذا لا يصح، والسبب أو العلة في هذا أننا لم نحصل على نتيجة فعلية، وما خرجنا عن نطاق الدين، ولا زال البائع دائناً لم يقبض حقه، بل جاء وارتبط بمدينٍ آخر، ولم يحصل الوفاء من هذا ولا من ذاك؛ ولهذا نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الدين بالدين.
ولو أنه قال: قنطارك التمر الذي عند فلان أنا أشتريه بألف ريال بعد شهرين، فهذا لا يجوز، لك تمر عند فلان، وأنا أشتري التمر الذي لك عنده بألفين ريال بعد شهرين، لا يجوز هذا؛ لأن الألفين ما سلمها، ولو أنه جاءه وقال: أريد منك إردبين من التمر بألفي ريال بعد سنة، فهل يجوز أو لا يجوز؟ يجوز؛ لأنه بيع وشراء في عقد واحد، والثمن مؤجل، والناس يتعاملون بالدين دائماً، فليس هنا دين بدين، لكن الممنوع دين بدين مؤجل، وهو النقد، وأكدنا سابقاً بأن الأثمان لا تدخل في ربا النسيئة؛ لأنها قيم المبيعات.