يمكن أن نقول: إن ما يتعلق بالأجرة على القرآن فيه جوانب جائزة بالإجماع، وجوانب ممنوعة بالإجماع، وما بين ذلك وذلك محل البحث: فقراءة القرآن بأجرة للغير من أجل موتاه.
هذه لا أصل لها، وقالوا: كيف يهب ثواباً لا يملكه أو لم يحصل عليه؛ لأنه استبدل به الأجرة ممن استأجره، ومن قرأ القرآن على أجرة من أحد فليس له ثواب عند الله، إذاً: ماذا سيهب لميت هذا المستأجر، وليس عنده شيء؟! أما كون هذا الإنسان يقرأ بنفسه ويهب إلى موتاه، فهذا فيه الجمهور على الجواز، وما خالف في ذلك إلا أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها والشافعي رحمه الله، ودليلهم:(أو ولد صالح يدعو له) ، ومن الدعاء له قراءة القرآن، وقد بحث الإمام ابن تيمية هذه المسألة في ما يقرب من عشرين صفحة، وأتى بدلائل شرعية وعقلية، وقال: أنت حينما تصلي الصلاة لك وعد من الله بالأجر عليها، وأنت عندما تدعو الله: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني.
هذه المغفرة وهذه الرحمة حق لله أنت سألتها، فيعطيك إياها بدون عوض بمجرد ما سألته، وكذلك لما تقرأ القرآن يكون لك على هذه القراءة أجر عند الله، فتقول: يا رب! أنا قرأت، ووعدني رسولك الكريم بأن لي على كل حرف عشر حسنات، وأنا أطلب منك أن تجعل حسناتي من قراءتي هذه لوالدي لولدي لأخي لصاحبي فلان.
فهنا يقول ابن تيمية رحمه الله: إذا كان الله يعطيك ما لا تملك، كقولك: اللهم اغفر لفلان، اللهم ارحم فلاناً، فمغفرة الله لفلان ليست ملكاً لك، فهو يستجيب لك ويعطيها لفلان، فما بالك إذا كانت القراءة ولك بكل حرف عشر حسنات تسجل لك في كتابك وصحيفتك، فتقول: يا رب! أنا أريد تجعلها في صحيفة فلان، قال: فهذا من باب أولى.