قال المؤلف: [وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة بالعشاء حتى ذهب عامة الليل ثم خرج فصلى وقال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي) رواه مسلم] .
قول عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها:(أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة) ، أعتم: أي: دخل في العتمة مثل أصبح، ومثل أمسى، أي: دخل في الصباح ودخل في المساء، والعتمة هي: ظلام الليل.
وقولها:(ذات ليلة) أي: أن ذلك لم يكن مما يداوم عليه صلى الله عليه وسلم، ولكن ليلة من الليالي أعتم بالعشاء حتى ذهب عامة الليل، وبعضهم يقدر ذلك بنصف الليل، وبعضهم بثلثي الليل، إلى غير ذلك من التقديرات.
ثم خرج على أصحابه، وقد كانوا ينتظرون خروجه ليصلي بهم صلاة العشاء، وفي رواية ابن عباس: حتى كانت تخفق رءوسنا بالنوم، فكانوا جالسين ينتظرون الصلاة، ومع طول الوقت، وعدم تعودهم على السهر؛ كانت تخفق رءوسهم بالنعاس، وهو من مقدمات النوم، ولما خرج عليهم صلوات الله وسلامه عليه وهم على تلك الحالة قال لهم:(إنه لوقتها) ، أي: هذا الوقت الذي جئتكم فيه هو وقت العشاء (لولا أن أشق على أمتي) .