قال: [وعن عياض بن حمار رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل) ] .
النقطة الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم: (من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل) .
كل الأحاديث التي تقدمت فيما يتعلق باللقطة أو الضوال ليس فيها تعرض للإشهاد، وهنا يأتي المؤلف رحمه الله بهذا الحديث وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وليشهد ذوي عدل) : فبعض العلماء قال: في جميع اللقط يشهد ذوي عدل، من باب حمل المطلق على المقيد.
والآخرون يقولون: لا.
إن الأمر فيه تفصيل؛ لأن ملتقط اللقطة أحد رجلين؛ إما أن يكون واثقاً من أمانة نفسه على اللقطة، فهذا لا حاجة إلى إشهاده؛ لأن أمانته ستحمله على حفظها وردها إلى صاحبها إذا جاء، وإذا كان يخشى أن تضعف نفسه أمام اللقطة، وتراوده على أن يمتلكها دونما تعريف، أو يتصرف في بعضها أو شيء من ذلك، فليشهد؛ ليكون إشهاده عليها ذوي عدل مانعاً له من أن يضعف أمام نوازع نفسه في اللقطة، وهذا ضمان للقطة فيما لو مات هذا الملتقط قبل مضي الحول، فإذا التقطها وأخذ يعرفها إلى تمام الحول وفي أثناء الحول مات، من فربما لا يعلم عنها أحد، لكن حينما يشهد ويأتي إنسان ينشد ضالة أو لقطة، سيجد من يشهد بأن فلاناً أشهدنا على أنه التقط لقطة.
إذاً: الإشهاد على اللقطة يرجع إلى حال الملتقط، ما بين الأمانة والضعف أمام نوازع النفس فيها.
[وليحفظ عفاصها ووكاءها] .
بعض العلماء يزيد ويقول: يدخل تحت الإشهاد إذا كان الملتقط فاسقاً، يخشى عليه من اللقطة، ولكن الفاسق لن يشهد، وسيكتمها، ولذا جاء في آخر الحديث:(ولا يكتم) ، فالأمران متقابلان؛ لأن من يطمع في اللقطة يكتمها، فإذا ما أوقع الشهادة عليها سلم من ذلك وامتنع.