إذاً: ليس هناك حد -كما يقولون- في ادعاء الغبن في السلعة، فهذا في نهاره وقبل غروب الشمس يربح مائة في المائة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقره ويدعو له بالبركة، ولكن الفقهاء أيضاً تدخلوا وقالوا: إذا لم يكن هناك تحديد للأسعار، ووجدت سلعة في عشرين دكاناً في السوق، فخمسة عشر دكاناً يبيعها بعشرة، وجاء صاحب دكان وباعها على إنسان بعشرين، فهل يقر على ذلك؟ يقول العلماء: هذا غبن، فقد غبن المشتري بعشرة، ونسبة العشرة من العشرة مائة في المائة، فيكون من الغبن الفاحش، فيحق للمشتري فسخ العقد وإرجاعها.
إذاً: ما هو حد الغبن الذي يجعل المشتري يدعي الغبن ويطلب رد السلعة؟ قال بعضهم: إذا كان ثلاثين في المائة، أو أربعين في المائة، أو خمسين في المائة، أي: من ثلاثين فما فوق، وأقل من ثلاثين في المائة لا يعتبر غبناً، ولا ترد به السلعة، قالوا: إن مثل هذه النسب لابد أن تتفاوت؛ لأنه لا بد من الربح، ولكن المسألة ترجع إلى جشع البائع، وإلى قناعته، وحسن تعامله، ورفقه بالناس.
إذاً: هذا الحديث أصل في حلية الربح ما لم يكن هناك تدليس أو غش أو انتهاز لفرصة، أو استجهال مشترٍ.