وعلى هذا يأتي بحث الإجارات في الحج، وهل هذا الرجل حج عن شبرمة متطوعاً أو بأجرة؟ لم يسأله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولكن كلمة (أخ) وكلمة: (صاحب) تشعر بأنه متطوع ومتبرع، وما كان يعرف في الزمن السابق أن إنساناً يأخذ أجرة على الحج، والآن أصبح طريقاً من طرق الكسب، والله المستعان.
ويبحث العلماء عن حكم أخذ الأجرة على الحج عن الغير، فمن العلماء من يمنع ذلك بالكلية، قال: لأن الحج عبادة، والعبادة لا يؤخذ عليها الأجر، وقوم قالوا: هناك فرق بين أمرين: من حج ليأخذ، ومن أخذ ليحج، فمن أخذ ليحج أي: أنه لا يريد أن يتمول، ومستعد أن يحج عن الغير، وقد حج عن نفسه، لكنه لم يستطع أن يقوم بلوازمه بنفسه، فأخذ من ولي النائب عنه ما يحججه، بمعنى: يأخذ على الوصول، ولو أن ولي من ينوب عنه أخذه في صحبته بسيارته، أو أسكنه معه في خيمته وتكفل بأكله وشربه، حتى أدى المناسك ورده إلى بيته، أجزأه، ولا مانع في ذلك.
ولكن من ليست له رغبة في الحج في البدء، ولما عرض عليه الولي الأمر، وجعل له مبلغاً من المال لفت نظره، فحج ليأخذ هذا المبلغ، فهذا حج ليأخذ ولم يأخذ ليتبلغ، فهو يأخذ هذا المبلغ ويحج منه، وما زاد فله، بخلاف الذي يحج على البلاغ، فإنه لو لم يصحبه معه، وأعطاه مبلغاً فأنفق منه بالمعروف، على ما ينفق على مثله، ولو زاد شيء من المال رده لصاحبه، وإذا نقص عليه شيء استوفاه من صاحبه؛ لأنه على البلاغ، وهكذا، من حج ليأخذ فلا يحق له، ومن أخذ ليستعين به على الحج فلا مانع.
ثم إن الشافعي رحمه الله قال: من أخر الحج بعد الاستطاعة بالزاد والراحلة، ومات قبل أن يحج، فإن الواجب على ورثته أن يخرجوا من رأس مال التركة قبل قسمتها، وليحجوا عنه من تركته ومن بلده.