[تفصيل الروايات في كفن الرسول صلى الله عليه وسلم]
وهذا هو أصح الروايات في تكفينه صلى الله عليه وسلم، وهو أعدل الأقوال وأفضلها عند الجمهور، وقد اتفقوا على أنه عند الحاجة إذا اقتصر على لفافةٍ واحدة على هذا الوضع وسترته من رأسه إلى ظُفر قدمه أجزأت، يعني: أقل المجزء في الكفن ما يستره، والثلاثة هي أقل الكمال، وبعضهم قال هي نهاية الكمال، أي الأفضل.
وكما يقول العلماء، لا ينبغي لأحد أن يزيد في الكفن على كفن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك روايات جاءت في كفنه صلى الله عليه وسلم سوى ذلك ولم تسلم من مقالات.
ستجدون في كتب الحديث وفي حديث عائشة هنا (.
ثلاثة أثواب سحولية من كرسف) الكرسف: القطن، سحولية: نسبة إلى قرية، وهي ثياب بيض، وهذا صفة الكفن أو أثواب الكفن وأنها من القطن.
قولها هنا: (ليس فيها قميص ولا عمامة) يقولون ليس فيها: يعني في العدد، فهي ثلاثة فقط من غير أن نحسب القميص والعمامة، فيكون القميص والعمامة موجودين لكن ما عدتهم، أو ليس فيها: في جنسها، ولم يتجاوز الكفن الثلاثة الأثواب، والجمهور على أن ظاهر اللفظ ليس فيها -أي في الأثواب الثلاثة- قميص ولا عمامة، يعني ليس قميص وعمامة يكملان العدد، لا.
بل القميص والعمامة منفية الوجود بالفعل.
وسيأتي في بعض الروايات: (كُفِّن في قميصه الذي مات فيه) وفي روايات أخرى: (كفن في حلة حبرة) وفي بعض الروايات: (كفن في حلة لـ عبد الرحمن بن أبي بكر) ولكن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تبين لنا تلك الروايات.
أما موضوع القميص فقالوا: إنه جرد عنه، أي بعد ما غسل وسجي، وبعضهم يقول: موجود، والبعض الآخر يقول: أما الحلة فإن عائشة رضي الله عنها قالت (لقد جيء بالحلة فردوها) إذاً: عند الكفن جيء بالحلة لتجعل في كفنه، ولكن الذين قاموا بتكفينه صلى الله عليه وسلم ردوها، ولم يجعلوها في الكفن، وفي بعض الروايات: (فنشفوه بها، ثم ردوها) إذاً أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تبين قضية الحلة فيما يتعلق بالكفن وأنها فعلاً جيء بها، ولكن لم تكن في الكفن؛ لأنهم ردوها ولم يكفنوه فيها.
وهناك من يقول أن النبي كفن في سبعة أثواب: الثلاثة الأثواب التي في حديث عائشة، والقميص الذي مات فيه، والعمامة والحلة، والحلة من قطعتين، إذاً: مع هذه الروايات ومع توضيح أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في خبر الحلة نعلم بأنه ما كان الكفن إلا ثلاثة أثواب.
والذين يقولون بالقميص، يقولون: تجعل اللفافات اثنتين، ويؤتى بدل الثالثة التي هي الأولى أي التي تكون في الأعلى، والتي تكون كما وصفنا من القماش طول الإنسان مرتين، ويجعل فتحة في وسطه عند الثنية، ويدخل فيها الرأس ويثنى عليه طرفاها، كما يثنى الثوب على التفصيل المتقدم.
ومن يضيف السروال، يقول: يؤتى أيضاً بقطعتين من القماش، ولكن يفتح كما تلك الفتحة ويدخل من الرجلين إلى الحقو، ويكون طرفا القماش واحدة تلف على الساق اليمني والأخرى تلف على الساق اليسرى دون أن تجعل مثل الكم للرجل، أي: لا يوجد خياطة، فعلى هذا الجمهور يقولون: (لا ينبغي التعمق ولا التزيد في الكفن ولا المغالاة) وكما ثبت في أصح الروايات في كفن النبي صلى الله عليه وسلم، الثلاثة الأثواب السحولية البيض التي ذكرتها أم المؤمنين رضي الله عنها.