للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النهي عن بيع المغانم قبل قسمتها واستلامها]

قال: (وعن شراء المغانم حتى تقسم) .

مما يدخل تحت بيع ما لا يملك تسليمه: إذا غزا الغزاة وغنموا وأصبحت الغنيمة في جملتها للغزاة، وكانوا مائة شخص، فأصبح لكل شخص واحد في المائة من الغنيمة، ولو قدر أن الغنيمة مائة بعير، فسيكون لكل غاز بعير، فقد عرف سهم الغازي في الجملة، فهل يصح لشخص من الغزاة أن يقول لأحد الناس: أنا لي في الغنيمة بعير، وأبيعك إياه بمبلغ كذا، فهو حق ثابت في الغنيمة ولكن على سبيل الإجمال، وهل يدري أي الإبل سيكون له؟ وكم سيساوي هذا البعير الذي سيكون من نصيبه؟ وهل ندري ماذا سيقع في هذه الغنيمة؟ إذاً: لا يجوز بيع حصته من الغنيمة حتى تقسم ويستلمها، وقد كان في زمن بني أمية وكان ميناء المدينة في الجارود في جمع، وكان يؤتى بالغنائم -من الحبوب- من مصر وما وراءها، وكانوا يعطون للغزاة سندات فيها نصيب كل شخص: فلان له إردب، فلان له إردبان، فلان له نصف إردب، فلان له كذا، فيأتون بها إلى المدينة فيأخذها أصحابها ليذهبوا إلى الميناء ويستلموا حصصهم، فكان البعض منهم يأخذ السند ويبيع ما فيه على الآخرين، فقام بعض السلف وقال: يا مروان! إنك تبيح الربا، فهؤلاء يبيعون ما لا يملكون، أي: إنهم لم يستلموها ولم تصل إلى أيديهم، فمنعوا من ذلك، فهو وإن كانت حصته في الغنيمة مضمونة شرعاً، وكانت معلومة العين، فالغنيمة مائة ألف، وهم ألف نفر، فلكل واحد مائة؛ فلا يحق له أن يبيع حصته ولو كانت معلومة المقدار؛ لأنها ملك عام في الجملة، حتى تقسم ويقبض نصيبه، وحينئذ يبيع كيف شاء.