للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفارسية ويعجب بترجمته (١). ومن أبرز المترجمين للتراث الفارسى حينئذ محمد بن جهم البرمكى وزادويه بن شاهويه وبهرام بن مردانشاه وموسى بن عيسى الكسروى وعمر بن الفرّخان وسلم صاحب خزانة الحكمة وسهل بن هرون أحد خزنتها المشهورين (٢). ومن أنفس ما نقلوه أمثال بزرجمهر وعهد (٣) أردشير بن بابك إلى ابنه سابور وكتاب جاويدان (٤) خرد فى صنوف الآداب ومكارم الأخلاق وكتاب هزار أفسانه وهو أصل من أصول ألف ليلة وليلة. وقد نقل أبان بن عبد الحميد كتاب كليلة ودمنة إلى الشعر وأهداه إلى جعفر بن يحيى البرمكى، ويقال إنه نظمه فى أربعة عشر ألف بيت (٥)، وأيضا فإنه نقل إلى الشعر العربى سيرة أردشير وسيرة أنوشروان (٦). وعلى نحو ما دفع البرامكة إلى ترجمة التراث الفارسى واليونانى دفعوا أيضا إلى الانتفاع بالتراث الهندى وترجمته، يقول الجاحظ:

«اجتلب يحيى بن خالد البرمكى أطباء الهند مثل منكه وبازيرك وقلبرقل وسندباذ وفلان وفلان» وقد عملوا فى البيمارستان الكبير ببغداد وسرعان ما استعربوا وشاركوا هم وغيرهم من مستعربة الهند فى نقل بعض الكنوز الهندية وخاصة فى الطب والعقاقير (٧) وشمل نقلهم صحيفة طويلة فى قواعد البلاغة سجلها الجاحظ فى بيانه (٨)، كما شمل قصة السندباد وكتبا كثيرة فى الخرافات والأسمار مما تولع به العامة (٩).

وتبلغ هذه الموجة الحادة للترجمة أبعد غاياتها فى عهد المأمون، إذ تحول بخزانة الحكمة إلى ما يشبه معهدا علميّا كبيرا وقد ألحق بها مرصده المشهور وجدّ فى الترجمة، يقول ابن النديم: «لما استظهر (غلب) المأمون على ملك الروم كتب إليه يسأله الإذن فى إنفاذ ما يختار من العلوم القديمة المخزونة المدّخرة ببلد الروم، فأجاب إلى ذلك بعد امتناع، فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم الحجاج ابن مطر وابن البطريق وسلم صاحب بيت الحكمة وغيرهم، فأخذوا مما وجدوا


(١) الجهشيارى ص ٢٣٢.
(٢) انظر فى هؤلاء النقلة عن الفارسية الفهرست ص ١٧٤، ٣٤١ وكتاب البيان والتبيين ٣/ ٢٩.
(٣) راجع فى هذا الكتاب وسابقه ثلاث رسائل للجاحظ (نشر فنكل) ص ٤٢ وابن أبى أصيبعة ص ١٠٩.
(٤) انظر جمع الجواهر للحصرى ص ٧٤ وما بعدها.
(٥) الجهشيارى ص ٢١١.
(٦) الفهرست ص ٢٣٢.
(٧) الفهرست ص ٣٤٢، ٤٢١.
(٨) البيان والتبيين ١/ ٩٢.
(٩) الفهرست ص ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>