فخرج إليه بجيشه من مكناسة ودارت معركة كتب فيها النصر لأبى عبد الله الشيعى وجيشه، وقتل اليسع فى المعركة واستولت كتامة على سجلماسة، وخرج المهدى ورفاقه من محبسهم، وبايعه أبو عبد الله الشيعى، وبايعه الناس وولى على سجلماسة واليا من كتامة، وانصرف مع داعيته إلى إفريقية التونسية.
ولم تلبث صفرية سجلماسة أن انتقضت على والى المهدى الكتامى وقتلته هو ومن معه من كتامة سنة ٢٩٨ هـ/٩١٠ م وبايعت الفتح بن ميمون بن الرستمية، وتوفى سريعا فخلفه أخوه أحمد، واستقام أمره وحكمه إلى أن زحفت إليه كتامة بقيادة مصالة بن حبوس سنة ٣٠٩ هـ/٩٢١ م فافتتح سجلماسة وقبض على أحمد وولاها ابن عمه المعتز، وتوفى سنة ٣٢١ هـ/٩٣٣ م وبايعت الصفرية ابنه سمكو، وكان لا يزال فى المهد، فثار عليه ابن عمه محمد بن الفتح بن ميمون، وتلقّب بالشاكر لله، ورفض الدعوة الصفرية، وأعلن الأخذ بمذاهب أهل السنة، وكان عادلا منتهى العدل كما يقول ابن خلدون، ويقال إنه دعا لنفسه بالخلافة، ويقول ابن خلدون إنه دعا لبنى العباس، وإنه ضرب العملة باسمه. وظل يحكم سجلماسة حكما عادلا رشيدا إلى أن اكتسح جوهر الصقلى بجموعه الشيعية من كتامة وصنهاجة المغرب الأقصى، واستولى-فيما استولى-على سجلماسة، وأخذ حاكمها السنى محمد بن الفتح أسيرا إلى رقّادة بإفريقية التونسية، وتوفى بها سنة ٣٥٤ هـ/٩٦٥ م. وثارت الصفرية على والى جوهر الصقلّى سريعا، وبايعت أحد أبناء الشاكر لله، وارتضى ذلك المعز العبيدى، غير أن أخاله ثار عليه وقتله سنة ٣٥٢ هـ/٩٦٣ م. وأخذ نجم قبيلة مكناسة فى الأفول بينما أخذ نجم قبيلة زناتة فى التألق والسطوع. وكان أمويو الأندلس قد استطاعوا جذب مغراوة الزناتية إليهم، وبمساعدتهم زحف حزرون بن فلفول من أمرائها إلى سجلماسة سنة ٣٦٦ هـ/٩٧٦ م وبرز له المعتز مع قومه الصفريين من مكناسة، وقتل وهزم قومه هزيمة ساحقة لم تقم لهم بعدها فى سجلماسة قائمة، وأقام حزرون بها دعوة الأمويين الأندلسيين، وكانت أول دعوة أقيمت لهم فى المغرب الأقصى.
(د) الأدارسة (١)
معروف أن الحسين بن على سليل الحسن بن على بن أبى طالب ثار على العباسيين بمكة أيام الخليفة العباسى المهدى فى ذى القعدة سنة ١٦٩ هـ/٧٨٥ م وثار معه أهله وفى مقدمتهم
(١) انظر فى دولة الأدارسة كتاب المغرب للبكرى وصفة المغرب للإدريسى وروض القرطاس فى أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس لابن أبى زرع (طبعة الرباط) ص ١٩ وما بعدها والبيان المغرب لابن عذارى ١/ ٢٩٩ وما بعدها وأعلام الأعلام للسان الدين بن الخطيب ٣/ ١٨٨ وتاريخ ابن خلدون ٤/ ١٢ وما بعدها والاستقصاء فى أخبار دول المغرب الأقصى للسلاوى ودولة الأدارسة ملوك تلمسان وفاس وقرطبة لإسماعيل العربى (طبع بيروت).