للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو من المعتقدين فى إمامة أحمد التّيجانى الصوفية وقطبيته ويقول إن من ينظر فى رسائله ومؤلفاته يعرف روعة كلامه وصدقه وتصوفه الحق، ويذكر أن من اعتنقوا طريقته ويقرءون ورده يفوتهم العدّ والإحصاء. ويقول محمد بن عبد الجليل العلوى (١):

إنا حماة طريق أحمد شيخنا ... ونجيب عنه المنكرين ومن جفا

ونعدّ للعادى عليه صوارما ... وأسود غاب فى الكريهة زحّفا (٢)

وهو يذكر عن نفسه وشيخه التيجانى أنهم حماة طريقته يذودون عنها بالحجج الدامغة وبالسيوف القاطعة تحملها أسود غاب ضارية. ونقف قليلا بإزاء شيخين موريتانيين من شيوخ التصوف.

المختار (٣) الكنتى

من ذرية عقبة بن نافع والى المغرب ومؤسس مدينة القيروان، يقول الشنقيطى عنه: «كان من أفراد عصره علما وصلاحا، ولم نر أحدا يطعن فى ولايته سوى المختار بن بون كان يشدد النكير عليه لما بلغه من أن الشيخ الكنتى يسلبه. ورجع عن ذلك وصارت بينهما مكاتبات وملاطفات، ويقول الشنقيطى: «على أنه لا يوجد ولى إلا وتنكر عليه أشياء من العلماء» ومن نظر فى كتبه سواء كانت فى الحقائق الصوفية أو غيرها يتبين له فضله، وفيه يقول محمد بن الأمين:

وأخرجه ذو العرش للناس نائبا ... عن المصطفى والأمر فاش وذائع

ويرضع من ثدى المعارف من أتى ... مريدا ولم ترضع كذاك المراضع

وهو يقول إن الله أخرجه نائبا عن الرسول فى هداية الناس، وهى مبالغة واضحة. ويذكر أنه يغذى مريديه الكثيرين الذين يأخذون العهود عليه من المعارف الربانية غذاء لا يماثله أى غذاء لشيخ من شيوخ الطرق الصوفية. وقد توفى سنة ١٢٢٦ هـ‍/١٨١٢ م. وله يدعو إلى العمل الصالح استعدادا للآخرة:

أيقظ جفونك إن القلب وسنان ... وصمّم العزم إنّ العزم كسلان (٤)

وجدّ شوقا إلى أخراك مبتدرا ... إن اللبيب إلى أخراه حنّان (٥)

واعمل لدار بها اللذّات قاطبة ... روح وراح وراحات وريحان

ظلّ وماء وأزهار مفتّقة ... عن الكمائم أشكال وألوان

قيعان مسك بها الأنهار جارية ... خمر وماء وماذىّ وألبان (٦)


(١) الشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٢٧٨.
(٢) صوارم: سيوف قاطعة.

(٣) انظر ترجمة المختار الكنتى وشعره فى الشنقيطى ص ٣٦١ والشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٣٩٠.
(٤) وسنان: نائم.
(٥) حنان: مشتاق.
(٦) ماذىّ: عسل مصفّى.

<<  <  ج: ص:  >  >>