للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرعان ما انكسروا وأخذتهم السيوف، وأشار ابن العلقمى على المستعصم أن يخرج للقاء هولاكو ومفاوضته، فقتله خنقا، ودخل التتار بغداد وظلوا يعملون السيف فى أهلها أربعة وثلاثين يوما، حتى بلغ عدد القتلى نحو ثمانمائة ألف، وخربت بغداد خرابا لا حد له، وأحرقت بها كتب العلم والأدب، وانقضت الخلافة العباسية منها وزالت أيامها، ورثاها الشعراء مراثى كثيرة من مثل مرثية الشيخ تقى الدين التنوخى، وفيها يقول:

يا زائرين إلى الزّوراء لا تفدوا ... فما بذاك الحمى والدار ديّار

وذاق ابن العلقمى الذل والهوان من التتار، كما ذاقهما أيضا من مالأهما من حكام الموصل والجزيرة، وفى مقدمتهم بدر الدين لؤلؤ. وكان الأمير الزنكى أستاذه الملقب بالملك القاهر صاحب الموصل قد توفى سنة ٦١٥ وخلفه ابنه نور الدين وسنه عشر سنوات، وكان قد جعل بدر الدين لؤلؤا أتابكا له، ولم يلبث نور الدين أن توفى، فأقام لؤلؤ مكانه أخاه ناصر الدين، وله من العمر ثلاث سنوات، وما زال يعمل على تثبيت سلطانه، حتى ملك الموصل فى سنة ٦٣٠ وأزال منها الأسرة الزنكية. وما إن تدافعت أمواج التتار نحو أذربيجان حتى أخذ يمدهم بما يحتاجون إليه من الزاد والعتاد منذ سنة ٦٣٤ وما إن علم بتقدم هولاكو نحو بغداد حتى أعد جيشا لمساعدته بقيادة ابنه إسماعيل إلا أن الجيش تأخر قليلا، فما كان من هولاكو إلا أن حزّ رأس إسماعيل وأرسل بها إلى أبيه، فذهب إليه هلعا فزعا يحمل الهدايا، وتوفى بدر الدين فى سنة ٦٥٧. ولم يلبث هولاكو أن اجتاح الموصل بجيوشه، وقتل حاكمها الصالح بن بدر الدين لؤلؤ، فلم تنفعه لا هو ولا أبوه خياناتهما المتكررة، وأصبحت العراق كلها فى حوزة التتار.

[٢ - الدول: المغولية والتركمانية والصفوية والعثمانية]

المغول أو التتار قبائل رحّل كانت تستوطن منغوليا على حدود الصين، واستطاع أحد أبنائها وهو جنكز خان أن يجمعها تحت لوائه، وأن يفتح بها الصّين وبكين، حتى إذا تم له ذلك وجّه جموعه نحو فارس فاستولت على بخارى ومملكة خوازرم وزحفت سيولها إلى الرّىّ وهمذان، مستولية على شمالى فارس فيما بين سنتى ٦١٦ و ٦٢٥ للهجرة وتوفى فى السنة الأخيرة بالصين. وخلفه ابنه أوكدى (٦٢٥ - ٦٣٩) الذى استطاع أن يخضع روسيا وبولندة لحكمه، وخلفه ابنه كيوك حتى وفاته سنة ٦٤٦ وولى بعده ابن عمه منكو، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>