للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبكاء معولة أتت ... يوما لواحدها المنيّه

فسالت دموع جعفر على خديه مدرارا وارتفع النشيج والصراخ فى داره فأمره بالإمساك فأمسك.

وللسيد وراء تشيعه ومدائحه للعباسيين مدائح فى بعض ولاة البصرة والأهواز، وله أهاج فى المرجئة وفى عبد الله بن سوار قاضى البصرة الذى ردّ شهادته لقذفه فى الصحابة، وقد شكاه للمنصور فانتصف له منه. ويقال إنه كان يعكف على الخمر، وليس له فيها أشعار مذكورة. وفى الحق أنه عاش للتشيع ينفق فيه أيامه وقصيده، وكان يعرف كيف يوازن بين جزالته وعذوبته، مع الرونق والحلاوة، ولعل ذلك ما جعله يتحامى فيه الغريب واللفظ الآبد، حتى يلذّ الأسماع والأفئدة وحتى يسير على الشفاه والألسنة. وما زال هذا دأبه حتى توفى سنة ١٧٣ للهجرة.

منصور (١) النّمرى

هو منصور بن الزبرقان بن سلمة (٢) من قبيلة النّمر بن قاسط من أهل الجزيرة وهو تلميذ العتابى المتكلم وراويته وعنه أخذ ومن بحره استقى وتشبّه كما يقول أبو الفرج، ويقال إنه وصفه للفضل بن يحيى بن خالد البرمكي ونوّه به وقرّظه، فاستقدمه من الجزيرة، فأنشده بعض مدائحه فيه، وحظى عنده، ولم يلبث أن وصله بالرشيد، ووقع من نفسه خير موقع، إذ مضى يمدحه على طريقة مروان بن أبى حفصة بنفى الإمامة عن أبناء على بن أبى طالب وبيان أنها حق خالص للعباسيين، وأنهم لا يزالون يطوّقون رقابهم بالمنن، وهم يجحدونها، فيثورون، وكثيرا ما يتلقون ثوراتهم بالعفو عنهم على نحو ما صنع الرشيد بيحيى بن عبد الله، فإنه اكتفى بسجنه، ولم يقتله، وفى ذلك يقول:

بنى حسن وقل لبنى حسين ... عليكم بالسداد من الأمور


(١) انظر فى أخبار النمرى وأشعاره ابن المعتز ص ٢٤٢ وابن قنيبة ٨٣٥ والأغانى (طبعة دار الكتب) ١٣/ ١٤٠ وتاريخ بغداد ١٣/ ٦٥ والبداية والنهاية لابن كثير ١٠/ ٢١٢ وأمالى المرتضى (طبعة الحلبى) ٢/ ٢٧٤ وما بعدها وزهر الآداب ٣/ ٦٨.
(٢) فى بعض المصادر منصور بن سلمة بن الزبرقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>