للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العماد (١) الأصبهانى

هو عماد الدين محمد بن محمد بن حامد، ولد بأصبهان سنة ٥١٩ وقدم به أبوه إلى بغداد واستقرّ بها. وانتظم هو فى سلك المدرسة النظامية مع لداته من الناشئة، وتفقه بها، وثقف علوم العربية، وعاد مع أبيه إلى أصبهان سنة ٥٥٢، ولم يلبث أن رجع إلى بغداد، واتصل بوزيرها عون الدين بن هبيرة فولاه نظر البصرة ثم نظر واسط. وتوفى ابن هبيرة سنة ٥٦٠ وسجن العماد فيمن سجن من أتباعه، وردّت إليه حريته سريعا، غير أنه لم يستطع أن يستردّ مكانته، ورأى أن يفارقها، وولّى وجهه نحو دمشق، ونزلها سنة ٥٦٢ وكانت قد أصبحت تابعة لنور الدين محمود، وقدّمه قاضى دمشق كمال الدين بن الشهرزورى إلى أمير مهم من أمراء نور الدين هو نجم الدين أيوب، فاكتسب حظوته وحظوة ابنه صلاح الدين، ثم قدمه القاضى إلى نور الدين فأعجب به واتخذه صاحب سره، وبعث به رسولا إلى الخليفة المستنجد ببغداد، ونجح فى مهمته. وعاد ففوض إليه نور الدين سنة ٥٦٧ التدريس فى مدرسته النورية التى أنشأها بدمشق لدراسة الفقة الشافعى، وقد سماها من أجله تكريما له المدرسة العمادية. ولم يلبث أن أضاف إليه رياسة ديوان الإنشاء. ولما توفى نور الدين سنة ٥٦٩ عزلت حاشية ابنه اسماعيل العماد من وظائفه، فترك دمشق قاصدا بغداد، ومرض فى طريقه إليها بالموصل، وعلم أن صلاح الدين قدم من القاهرة إلى دمشق للاستيلاء عليها، فعادتوّا، والتقى بصلاح الدين فى حمص، وقدمه إليه وزيره القاضى الفاضل، ورغبّه فى إلحاقه معه بخدمته، فاستكتبه صلاح الدين وظل يلزمه فى الشام ورحل معه ذات مرة إلى الديار المصرية. ولما توفى صلاح الدين سنة ٥٨٩ كتب من بعده لابنه نور الدين حاكم دمشق، حتى إذا استوزر ضياء الدين بن الأثير استعفاه من عمله. وزار مصر حينئذ، ثم عاد إلى دمشق، فلزم داره يصنف ويؤلف حتى توفى سنة ٥٩٧.

والعماد الأصبهانى أديب كبير: كاتب وشاعر، وكان له ديوان كبير فى أربعة مجلدات وديوان صغير كله رباعيات، وقد أنشدنا بعض شعره فى حديثنا عن شعراء المديح والرثاء، وكان يجيد الفارسية


(١) انظر فى ترجمة العماد: معجم الأدباء ١٨/ ١١ وابن خلكان ٥/ ١٤٧ والروضتين فى مواضع مختلفة والجزء الثانى من مفرج الكروب لابن واصل وعبر الذهبى ٤/ ٢٩٩ والوافى بالوفيات ١/ ١٣٣ وطبقات الشافعية للسبكى ٦/ ١٧٨ والبداية والنهاية ١٣/ ٣٠ ومرآة الجنان ٣/ ٤٩٢ والشذرات ٤/ ٣٣٢ والجزء السادس من النجوم الزاهرة (انظر فهرسه). وفى كتابيه: البرق الشامى والخريدة أخبار وأشعار كثيرة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>