للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمره حوالى سنة ٢٦٠ ويؤمنون بأنه لا يزال حيا باقيا وأنه لا بد من عودته يوما أو رجعته ليهدى الناس إلى طريق الرشاد ويعيد سنن الرسول صلّى الله عليه وسلم ويرد حق أسرته المسلوب ويملأ الدنيا حقا وعدلا، ويسمونه فى أثناء غيبته الجسدية قائم الزمان وإمام الوقت. وهو بذلك كله المهدى المنتظر الذى ينقذ العالم من مفاسده وشروره. وعند الإمامية أن أئمتهم وحدهم يتميزون بمعرفة المعانى الباطنة أو المستترة وراء ظاهر النصوص القرآنية، ولذلك يعد التأويل من أسس العقيدة الإمامية، ويرون أئمتهم فوق الطبيعة البشرية، ولذلك يعتقدون فيهم العصمة وأنهم مطهرون لا يستهويهم أى ضرب من ضروب المعاصى والآثام.

وإذا كان مركز العقيدة الإسماعيلية منذ أوائل هذا العصر فى القرن الرابع مصر فإن مركز العقيدة الإمامية كان العراق وإيران. وكان قرب معتنقيها من الشام سببا فى أن يدخلها كثيرون منه منذ وقت مبكر وكانوا ينبئون فى حلب وأيضا بين بعلبك وصفد، ويسمون باسم المتوالية الإمامية ومنهم أمراء حرفوش. ونقف لنتحدث عن فرق شيعية غالية هى فرق النصيرية والدروز والإسماعيلية النزارية المسمون بالفداوية والحشاشين.

(ب) النّصيريّة (١)

فرقة شيعية غالية غلوّا مفرطا، ولم تكن تتبع الفرقة الإسماعيلية، بل كانت تتبع الفرقة الإمامية الاثنى عشرية، أو قل إنها تفرعت منها، وكانت تسكن فى قرى بسفوح الجبال الممتدة من طرابلس إلى أنطاكية أنشأها فيها داعية يسمى محمد بن نصير النميرى زعم لهم أنه مبعوث الإمام الحادى عشر حسن العسكرى وأخذ ينشر فيهم عقيدته منفصلا بها عن العقيدة الإمامية إذ جعل مبدأها أو محورها الأساسى ألوهية على بن أبى طالب وأنه خالد فى طبيعته الإلهية ومسكنه السحاب، والرعد إنما هو صوته الهائل، والبرق إنما هو ضحكه العالى، ولا يلعنون ابن ملجم قاتله، بل يقولون إنه خلّص اللاهوت أو الجزء الإلهى من الناسوت أو الجسم المادى، ويعظمون الخمر ويرونها من النور الإلهى، ويحتفلون بالأعياد المسيحية ويزعمون أن سلمان الفارسى إنما كان رسولا لعلى بن أبى طالب، ويحلفون بعلى قائلين: وحق على العلىّ الأعلى، كما يحلفون بالنور


(١) انظر فى النصيرية فرق الشيعة للنوبختى والملل والنحل للشهرستانى وصبح الأعشى ١٣/ ٣٥، ٢٤٩ والتعريف لابن فضل الله العمرى ورحلة ابن بطوطة وحديثه فيها حين زار ديارهم بالشام عن عقيدتهم وكتاب العقيدة والشريعة فى الإسلام لجولد تسهير ص ٢٢٠ وما بعدها وتاريخ النصيرية وديانتهم لدوسو طبع باريس.

<<  <  ج: ص:  >  >>