للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أديرة درنكة (١) بالقرب من أسيوط من أنهم لا يكادون يتكلمون إلا بالقبطية، وأن لهم معرفة تامة بالرومية يريد اليونانية. على كل حال هذه أسراب قليلة حافظ عليها نصارى بعض الأديرة النائية، أما الكتلة القبطية فإنها تعربت-كما قدمنا-مبكرة منذ القرن الثالث الهجرى.

[٢ - كثرة الشعراء]

كان نشاط الشعر بمصر محدودا زمن الأمويين. وقد يرجع ذلك إلى أن أكثر الفاتحين لمصر كانوا يمنية، والشعر لا ينشط على ألسنة اليمنيين نشاطه على ألسنة المضريين والقيسيين. على أن القبائل القيسية والمضرية أخذت جموعها تنزل فى مصر طوال الحقب الأموية. ولذلك ربما كان أولى من هذا التعليل لضعف الشعر بمصر حينئذ أن ما نظم منه لم يسجله الرواة ولا اهتم أصحابه بتسجيله، ولولا ما سجله منه الكندى فى كتاب الولاة والقضاة وابن عبد الحكم فى كتابه فتوح مصر والمقريزى فى الخطط لظل مجهولا لنا تماما. على أن ما سجلوه قليل، وأكثره يتصل ببعض الأحداث التاريخية. وهو شعر فى جملته متوسط، وربما كان خير شعرائه أيام الأمويين ابن أبى زمزمة، والشعر المنسوب إليه قليل ولا يوضح شخصيته. وحقا نشط الشعر بمصر زمن ولاية عبد العزيز بن مروان عليها (٦٥ - ٨٦ هـ‍) فقد كان جوادا ممدّحا فانتجعه وقدم إليه مدائحه شعراء كثيرون حجازيون ونجديون وعراقيون، منهم جميل صاحب بثينة وكثيرّ صاحب عزّة وعبد الله بن الحجاج التغلبى وأيمن بن خريم. وممن جذبه جوده ابن قيس الرقيات وله فيه مدائح بديعة (٢) ويصف فى إحدى مدائحه لعبد العزيز رحلة نيلية من الفسطاط إلى حلوان وأهم شاعر حجازى امتدحه ولزمه نصيب وكان مسترقّا لكنانى، وحين وفد عليه واستمع إلى مديحه أعجب به إعجابا شديدا، وردّ إليه حريته مما أثر فى نفسه آثارا عميقة، وأخذ يوالى نائله الغمر عليه، وهو يوالى مديحه مديحا رائعا، وله ترجمة فى كتابنا العصر (٣) الإسلامى. وفى كتاب الأغانى تفاصيل كثيرة بتراجم هؤلاء الشعراء الوافدين على عبد العزيز، وما أضفى عليهم من النوال وأضفوا عليه من المديح.


(١) الخطط ٣/ ٥٦١.
(٢) انظر ترجمته فى كتابنا الشعر والغناء فى المدينة ومكة لعصر بنى أمية (طبع دار المعارف) ص ٢٧٥ وكذلك فى كتابنا العصر الإسلامى (الطبعة التاسعة) ص ٢٩٩.
(٣) العصر الإسلامى ص ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>