انقسم العصر الإسلامى فى هذا الجزء إلى كتابين، اختص أولهما بعصر صدر الإسلام وثانيهما بعصر بنى أمية، وقد بدأت الكتاب الأول بالحديث عن الإسلام وقيمه الروحية والعقلية والاجتماعية والإنسانية، مبيّنا كيف أخرج العرب من الظلمات إلى النور وبعثهم بعثا جديدا استضاءوا فيه بهدى القرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد مضى من أسلموا يجاهدون معه قريشا والعرب، حتى دخلوا فى دين الله أفواجا. وألمّت بالإسلام بعد وفاة الرسول أحداث خطيرة، فحروب الردة تتبعها الفتوح وفتنة عثمان تتبعها حروب على. وتأثّر الشعراء بذلك كله مستلهمين مثالية الإسلام الرفيعة، وهم حقا اختلفوا فى مدى تأثّرهم واستلهامهم لتلك المثالية، إذ كان منهم من مسّ الدين روحه مسّا عنيفا، ومنهم من مس روحه مسّا خفيفا. ولكن حتى هؤلاء الأخيرين وجدتهم يتأثرون بالدين الحنيف، على نحو ما يصور لنا ذلك الحطيئة، فقد قال القدماء عنه إنه كان رقيق الدين، ومع ذلك نراه يدعو إلى التقوى والعمل الصالح، معلنا أنه مسلم، وأنه من أجل ذلك لا يعمد إلى الإقذاع فى الهجاء فحسبه التهكم والسخرية. وكان بجانبه كثيرون يتعمقهم الإسلام من مثل حسان وكعب بن زهير، بل كان هناك من أثّر فى نفوسهم تأثيرا عنيفا مثل لبيد والنابغة الجعدىّ فإن بعض قصائدهما تتحول إلى مواعظ خالصة.
وكان تأثر النثر بالإسلام أقوى قوة، فقد نزل فيه الذكر الحكيم المعجز ببلاغته، وألقى به الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديثه وخطبه الرائعة. وبذلك