لبست ثوب الرّجا والناس قد رقدوا ... وقمت أشكو إلى مولاى ما أجد
وقلت يا سيّدى يا منتهى أملى ... يا من عليه بكشف الضرّ أعتمد
أشكو إليك أمورا أنت تعلمها ... مالى على حملها صبر ولا جلد
وقد مددت يدى للضّرّ مشتكيا ... إليك يا خير من مدّت إليه يد
وهو يضرع إلى ربه لابسا ثوب الرجاء والأمل والناس نيام قائما بين يديه يشكو متضرعا متذللا إلى سيد الكون ومنتهى أمله فى دنياه أن يكشف عنه الضر وكل ما يعلمه مما لا طاقة له ولا صبر ولا جلد على حمله، ويقول ضارعا شاكيا لقد مددت يدى إلى خير من تمد له الأيدى فلا تردنى عن بابك خائبا. واكشف عنى ما أصابنى من ضر بفضلك وإحسانك وإنعامك.
[٥ - شعراء المدائح النبوية]
الرسول صلّى الله عليه وسلّم المثل الأعلى الكامل للمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وهم حين يحجون يقصدون إليه فى المدينة لزيارة قبره العطر، وما من مسلم إلا وهو يتمنى هذه الزيارة الشريفة، فإن أقعدته-أو منعته-الضرورة وكان شاعرا دبج قصيدة يتشوق فيها إلى اكتحال عينيه برؤية قبر حبيب الله وصفيه: الرحمة المهداة والنعمة المسداة إلى أمته المخصوص بالإسراء ليلا إلى بيت المقدس ومعراجه أو رقيه إلى السموات السبع، الذى خصّ بالقرآن الكريم معجزته الكبرى التى ليس لها سابقة مماثلة ولا لاحقة، مع ما اتصف به من خلق رفيع يعجز البيان عن وصفه، ومع رسالته الإلهية الهادية التى تحقق للناس السعادة فى الدارين. وقد دبج حسان وكعب بن زهير وغيرهما فى حياته قصائد بديعة فى مديحه، وتكاثرت سيول هذا المديح بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى إلى اليوم على ألسنة شعراء العالم الإسلامى شرقا وغربا بحيث تكوّن نهرا عظيما لكل بلد أو قطر إسلامى جدوله المتدفق فيه. والإقليم التونسى كغيره من الأقطار الإسلامية له جدول تترقرق فيه المدائح النبوية. ولن نستطيع أن نعرض ما قاض على ألسنة شعراء القيروان وتونس من هذه المدائح، وخاصة فى العصر الحسينى-لكثرتها، ولذلك ستكتفى باثنين من العصور المختلفة اشتهرت مدائحهما النبوية، وهما عبد الله الشقراطسى وابن السّماط المهدوى.