عليها، فقد حدث بعض العباسيين أنه رأى فى دور بساط قديم من بسط دار الخلافة هذه الأبيات:
وتزعم أنى قد تبدّلت خلّة ... سواها وهذا الباطل المتقوّل
لحا الله من باع الصديق بغيره ... فقالت نعم حاشاك إن كنت تفعل
ستصرم إنسانا إذا ما صرمتنى ... يحبك فانظر بعده من تبدّل
وشعر ربيعة كله على هذا النحو المصقول، الذى يروع بسلاسته وجمال ديباجته ونصاعة ألفاظه، مع الطبع المتدفق والمعانى اللطيفة. ويقال إنه توفى سنة ١٩٨ للهجرة.
[٢ - شعراء المجون والزندقة]
كثر شعراء المجون وما يرتبط به من وصف الخمر فى هذا العصر كثرة مفرطة، وقد عملت على ذلك أسباب مختلفة، فإن كثرة الشعراء كانت من الفرس، وكان كثير منهم يظهر الإسلام ويبطن الزندقة والإلحاد، وساعد على اضطراب النفوس وتسلط الشك على العقول كثرة المقالات والنحل الدينية وشيوع المذاهب الفلسفية مما جعل كثيرين يستهترون بقيم المجتمع الإسلامية، بل لقد كان من بينهم من يريد تحطيمها تحطيما. وسبب ثان يرجع إلى كثرة الرقيق ودور النخاسة التى كأنما كانت أسواقا للعبث. وهو عبث صحبه غير قليل من الفجور، حتى ليمتد إلى الغزل بالغلمان غزلا يصور-عند أبى نواس وأضرابه-انحطاطا خلقيّا شنيعا.
وسبب ثالث هو كثرة اتخاذهم للجوارى والإماء، مما أدّى إلى انحلال الروابط الاجتماعية لتسلطهن على الحياة المنزلية، إذ أخذن مكان المرأة العربية الحرة، وكن مختلفات الأجناس، وكثيرات منهن كنّ قد نشّئن على اللهو والمجون والابتذال والخلاعة تنشئة لم تكن تعرفها المرأة العربية المحصنة.
وطبيعى لذلك كله أن تنتشر موجة حادة من المجون، ومن غير شك تعد الدولة