للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد (١) الورغىّ

هو محمد بن أحمد الورغى، نسبة إلى قبيلة ورغة التى كانت تنزل قرب مدينة الكاف فى الجنوب وقيل بل كانت تنزل على الحدود التونسية الجزائرية، ولا نعرف شيئا عن ميلاده ولا عن نشأته، ويبدو أنه التحق أولا بالكتاتيب، وحفظ فيها القرآن الكريم. ونفاجأ به فى جامع الزيتونة بتونس يدرس على شيوخه الفقه والتاريخ وعلوم الحديث والتفسير والكلام والمنطق وعلوم العربية والبلاغة، ويبدى من الذكاء ما جعله يجلس للتدريس بجامع الزيتونة. وجعلته نزعته الأدبية يختار العمل كاتبا فى ديوان الإنشاء لعهد الأمير على الأول، ونال فى عهده من الشهرة والجاه ما جعله كاتبه وشاعره الأول فلا يترك حادثا ولا عيدا إلا ويدبج فيه مدحة، وتدور الدنيا دورات وإذ أولاد أخيه حسين يستردون السلطان المفقود، ويجلس على أريكة الحكم محمد الرشيد لمدة ثلاث سنوات ثم أخوه الأمير على الثانى حتى سنة ١١٩٦ ويوشك نجمه أن يأفل منذ ولاية الرشيد سنة ١١٦٩ فيسجن ويعذب، وما يزال يبعث بمدائحه إلى أخيه الأمير على الثانى، ويتوسط له عند أخيه وترد إليه حريته، حتى إذا أصبح صولجان الحكم بيده قرّبه منه، ونظن ظنا أن لزوجته ابنة على الأول أثرا فى قربه منه وقرب على الغراب الصفاقسى كما مر بنا، مما جعله ينظمهما بين كتابه وشعرائه. وظل الورغى يحظى بجوائز على الثانى حتى وفاته سنة ١١٩٠ للهجرة. ومدائحه منقسمة بين على الأول وعلى الثانى، ومن بديع ما له من مديح فى على الأول قصيدته فى إيقاعه بقبيلة النمامشة حين نهبت ركب حجيج من فاس وألزمها برد كل ما نهبته، وله يقول:

هو العزّ فى سمر القنا والقواضب ... وإلا فما تغنى صدور المراتب

وسيّان أغمار الرجال وصيدها ... إذا لم يميّز فضلها بالتجارب (٢)

هو الملك الداعى إلى الحق وحده ... وإن كثرت أهل الدواعى الكواذب

ومن عرف الأيام قصّ غريبها ... وفى قصص الباشا عيون الغرائب

ومن مثله يدعى لكشف ملمّة ... إذا قال: وا غوثاه أهل المصائب


(١) انظر فى الورغى شجرة النور الزكية لمخلوف وعنوان الأريب لمحمد النيفر والجزء الثانى من تاريخ ابن أبى الضياف والورغى للحبيب ابن الخوجة ومجمل تاريخ الأدب التونسى للأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب ص ٢٤٧ والأدب التونسى فى العهد الحسينى ص ١٤٩ وديوانه مطبوع بتونس.
(٢) أغمار الرجال: من ليس لهم خبرة من العامة. الصيد: السادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>