للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وقعت فريسة للنصارى سنة ٥١٢ هـ‍/١١١٨ م. وفى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة عبر على بن يوسف إلى الأندلس، ودوّخ بلاد الغرب وفتح شنتمريّة. وفى سنة ٥١٩ هـ‍/١١٢٥ م استدعى المعاهدون من نصارى غرناطة ألفونس الأول ملك أراجون للاستيلاء على مدينتهم، فزحف إلى الجنوب، وعلم المرابطون فردوه على أعقابه. وأجلوا عن غرناطة كل من كانوا سببا فى استدعائه من النصارى إلى مدينة سلا على المحيط فى المغرب وبالمثل إلى مكناسة. وفى سنة ٥٢٠ هـ‍/١١٢٧ م هاجم تاشفين بن على النصارى وفتح ثلاثين حصنا فى الغرب. وفى سنة ٥٢٨ هـ‍/١١٣٤ م وجّه على بن يوسف جيشا كثيفا بقيادة على بن غانية والى بلنسية ومرسية شرقى الأندلس إلى مدينة إفراغة شرقى سرقسطة، فلقى جيشا لألفونس الأول ملك أراجون فنازله وهزمه هزيمة منكرة. وفى سنة ٥٣٣ هـ‍/١١٣٨ م أخذ البيعة بمراكش لابنه تاشفين، وتوفى على سنة ٥٣٧ هـ‍/١١٤٢ م.

وخلف تاشفين أباه عليا، ولم يلبث الموحدون أن نازلوه سنة ٥٣٩ هـ‍/١١٤٤ م ودارت عليه الدوائر وتوفى برمضان من نفس السنة. وكانت دولة المرابطين دولة عظيمة عملت على نشر الإسلام فى السودان الغربى بالسنغال وغير السنغال، وقضت على الصفرية والنحل الضالة نحلة البجلية من السوس ونحلة برغواطة المارقة فى إقليم تامسنا وجعلت الإسلام فى المغرب الأقصى كله سنيا، ووحدته بحدوده المعروف بها إلى اليوم، وصانت الأندلس من الضياع، فقد كانت سفينة توشك على الغرق، فأنقذتها وردتها إلى مواصلة الحياة الأدبية والفلسفية والعلمية لأربعة قرون تالية. وقد شملت دولتهم-على اتساع أرجائها-عدالة وأمن لم يحظ بهما قطر فى أزمنتهم، إذ كانت تمتد من ممالك النصارى فى شمال إسبانيا إلى السنغال فى الجنوب، ولا مكس ولا مغرم ولا معونة فى بادية أو حاضرة إلا ما كان من الزكاة والعشر مما فرضه الإسلام، والأسعار فى غاية الرخص، والناس فى دعة ورخاء ورفاهية إلى أن ثار على الدولة مهدى الموحدين واستولى خليفته عبد المؤمن على صولجان الحكم من المرابطين.

(ب) الموحدون (١)

أنشأ هذه الدولة بالمغرب الأقصى محمد بن تومرت فقيه من هرغة إحدى بطون مصمودة، وهى إحدى القبائل الأربع الكبرى التى كانت تعيش فى مناطق هذا المغرب، وهى غمارة


(١) انظر فى الموحدين كتاب المن بالإمامة لابن صاحب الصلاة (طبع دار الغرب الإسلامى) والمعجب للمراكشى (طبع القاهرة) والجزء الثانى من البيان المغرب (طبع باريس) وروض القرطاس لابن أبى زرع وتاريخ ابن خلدون ٦/ ٢٢٥ وما بعدها وتاريخ الدولتين الموحدية والحفصية للزركشى (طبع القاهرة) والاستقصاء فى أخبار دول المغرب الأقصى للسلاوى وعصر المرابطين والموحدين ليوسف إشباخ ترجمة عنان ومعالم تاريخ المغرب والأندلس لحسين مؤنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>