للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحزب مرين حزب الله يحمى ... حمى الإسلام لا يخشى عقابا

إذا سلّوا السيوف ترى الأعادى ... وقد حلّوا الرّبى مدّت رقابا

وهو يهنئ مرين بهذا المجد الحربى الذى سمت به على الأملاك شجاعة وانتجابا، وقد فاخرتموهم بسلطانكم يعقوب فاستسلموا لكم مغلوبين على أمرهم، وهذا ألفونس العاشر وابنه يمدان يديهما للصلح. وإن حزبكم لحزب الله الذى يحمى ديار الإسلام، وبمجرد أن ينازل أعداء الدين يلتمسون الربى هلعا، ويستسلمون بين قتيل وأسير. وفى شعر الملزوزى- كما رأينا-غير قليل من النصاعة والسلاسة، وقد لبي نداء ربه سنة ٦٩٧ للهجرة.

ابن (١) الونان

هو أبو العباس أحمد بن محمد الونان الحميرى الفاسى من نابهى شعراء العصر العلوى، تألق اسمه فى عصر السلطان محمد بن عبد الله (١١٧١ - ١٢٠٤ هـ‍) وهو من صفوة السلاطين العلويين نهض بالمغرب الأقصى وطرد البرتغاليين من الجديدة سنة ١١٨٢ هـ‍/١٧٦٩ م وعنى بالحياة الثقافية والأدبية. ولابن الونان فيه مدائح متعددة، وكان أبوه مقربا إلى السلطان، وكان ظريفا فسماه أبا الشمقمق. وأول منظومات ابن الونان فيه أرجوزة سماها الشمقمقية، ويقال إنه حاول أن يصل إلى السلطان لينشدها، ولم يتح له ذلك، فترصد موكبه يوما وصعد على ربوة، ونادى بأعلى صوته عليه:

يا سيّدى سبط النبى ... أبو الشمقمق أبى

فطلبه السلطان، وصحبه معه إلى القصر وأصبح من حاشيته. والشمقمقية أرجوزة فى ٢٧٥ بيتا، للسلطان محمد منها ٢٧ بيتا، وبقيتها موسوعة أدبية، استهلها بالرحلة فى مجاهل الصحراء واصفا ركب النوق الذى كان فيه، وظل فى أكثر من أربعين بيتا يحاور حاديها طالبا إليه أن لا يكلفها فى السير بما لا تطيق جامعا لها فى وصفها كثيرا من أوابد اللغة. ويصف صاحبة له فى ٢٥ بيتا ويورد فى وصفها المادى طائفة من الألفاظ الغربية ويقول إن لم يظفر بها فسيشنّ على قومها غارة بفرسان من خير يعرب. ويسترسل فى فخره بآبائه وقبيلته اليمنية فى نحو خمسة وثلاثين بيتا، ويفضى إلى طائفة كبيرة من الأمثال والحكم فى نحو تسعين بيتا، وهى لب الأرجوزة، ولذلك جعلناها من الشعر التعليمى، ويمدح الشعر وشاعرية أبى الشمقمق، وكأنما الأرجوزة كانت منتهية فى هذا الجزء منها، ورأى أن يضيف إليها مديحا للسلطان محمد بن عبد الله.

ولا تلاحظ كثرة الألفاظ الغريبة فى الأرجوزة فحسب، فإنها تحمل كثيرا من أمثال العرب


(١) انظر فى ترجمة ابن الونان وشعره الوافى ٣/ ٨٦٢ والحياة الأدبية فى المغرب عند الدكتور الأخضر ص ٢٩٨ وما ذكره من مراجع، مع شرح الشمقمقية لكنون، وانظرها فى النبوغ المغربى ٣/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>