للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتوفى سنة ٣٠٩ وقد ترجم كتبا كثيرة عن الفارسية وله تصانيف حسان فى الأخلاق وأحوال الناس، منها كتابه: «تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب»، ومثلهما أبو بكر الخرائطى السامرى المتوفى سنة ٣٢٥، وله مكارم الأخلاق ومعاليها ومحمود طرائقها ومراضيها، نشر بالقاهرة.

وبجانب كتب الأدب والسمر فتح الجاحظ موضوعا جديدا، هو وصف البلدان، إذ ألّف كتابا فيه سماه كتاب الأمصار وعجائب البلدان تحدث فيه عن مكة وقريش والمدينة ومصر والبصرة، وذكر خصائص كل بلدة وطباع أهلها وأثر البيئة فيها (١). ويبدو أنه اعتمد فى وصف بعض البلدان على بعض الإخباريين مما جعله يخطئ فى جوانب من كلامه على نحو ما لا حظ المسعودى إذ يقول: «وقد زعم عمرو بن بحر الجاحظ أن نهر مهران الذى هو نهر السند من نيل مصر، ويستدل على أنه من النيل بوجود التماسيح فيه، ولست أدرى كيف وقع له هذا الدليل، ذكر ذلك فى كتابه المترجم بكتاب الأمصار وعجائب البلدان. . . لأن الرجل لم يسلك البحار ولا أكثر الأسفار. . إنما كان ينقل من كتب الورّاقين (٢)». وملاحظة المسعودى صحيحة، ولكنها لا تغضّ من أهمية هذا الكتاب الذى فتح به الجاحظ لمعاصريه موضوعا جديدا للكتابة، وكان ممن تابعه فيه معاصره اليعقوبى أحمد بن أبى يعقوب بن واضح، وكتابه البلدان منشور، وتعاقبت بعد ذلك الكتب فى هذا الموضوع. والمهم أن الجاحظ أثار فى كتابه بقوة فكرة البيئة وطوابعها فى السكان، وقد كتبه بأسلوبه الأدبى البارع.

[٢ - الخطابة والمواعظ والنثر الصوفى]

ضعفت الخطابة السياسية فى هذا العصر، كما ضعفت الخطابة الحفلية، فكلاهما أصبح شيئا نادرا، وحتى ما بقى منهما إنما هو شظايا قليلة كتلك الشظايا


(١) راجع كتاب الجاحظ للدكتور طه الحاجرى (طبع دار المعارف) ص ٣٨٩ وما بعدها.
(٢) انظر مروج الذهب ١/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>