للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفوية فى إيران نحو مائة وأربعين عاما، وخلفهم عليها الأفغانيون، وجاء فى إثرهم الأفشاريون ثم الزنديون، وخلفهم القاجاريون فى أواخر القرن الثانى عشر وظلوا نحو مائة وثلاثين عاما وفى كل هذه الحقب وخاصة منذ حكم الصفويين خمد النشاط الأدبى العربى فى إيران خمودا تاما.

[٣ - المجتمع]

كان يتكون المجتمع الإيرانى فى هذا العصر من ثلاث طبقات: طبقة عليا، تتضمن الأمراء الحكّام والوزراء والقادة والولاة على البلدان وكبار رجال الدولة والإقطاعيين، وطبقة وسطى تتضمن موظفى الدواوين وأوساط التجار والصناع ورجال الحسبة والقضاء، وطبقة دنيا تتضمن العامة من أصحاب الحرف ومن الزراع والخدم والرقيق، ويدخل أهل الذمة فى الطبقتين الأخيرتين بحسب أعمالهم.

وكانت الطبقة الأولى منعمة مترفة ترفا واسعا، وكان فى أعلى درجاتها الأمراء الحكام الذين دانت لهم رقاب العباد، وصبّت الأموال التى تعدّ بالملايين فى خزائنهم، وكانت مصادرها متعددة، إذ كانوا يجمعون الضرائب من الناس، ضرائب الأرض، وكان لها نظام خاص هو نظام الزكاة الإسلامى، وكان لها فى كل مدينة ديوان هو ديوان الخراج، وهو بمثابة خزانة مالية للدولة أو الإمارة، وكانت أعطيات الجند ونفقات البلدة تؤخذ منه، ويحمل ما يتبقّى إلى ديوان الخراج أو بيت المال فى حاضرة الدولة، وهناك ينفقه الأمير على الجيش وحاجات الإمارة. وما بقى منه يصبح رهن حياته المترفة فى القصر دون رقيب. وبجانب ضرائب الأرض كانت هناك ضرائب كثيرة على الصادرات وعلى بعض الواردات من الرقيق ومن عروض التجارة. ولابد أن نلاحظ كثرة الحروب فى العصر وأن إمارات بحالها كانت تكتسح أحيانا وتدخل فى سلطان هذا الحاكم البويهى مثلا أو الحاكم الغزنوى أو السامانى أو السلجوقى، وحينئذ تكتظ خزائن هذا المحارب المنتصر بالأموال الطائلة. وظل ذلك طوال العصر بل تفاقم فى عهد التتار ومن تلاهم. وكان يتبع الإمارة عادة كثير من الضّياع وكانت ثمارها جميعها تعود إلى الأمير وخزائنه. وكثرت فى تلك العصور مصادرة أموال الوزراء حين يعزلون أو يموتون، وكذلك الكتاب والعمال، فكانت أموالهم وإقطاعاتهم وضياعهم تصبح ملكا للدولة.

ولعل فى ذلك ما يوضح كيف أن الأموال فى خزائن الأمراء أو على الأقل فى خزائن

<<  <  ج: ص:  >  >>