للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقدان صاحبه، وبذلك جعله من فصيلة الكلاب، متسلسلا إليه من تضمين البيتين فى مقطوعته، فضلا عما صوّره به من الجبن والهلع إزاء جرو مستضعف لا حول له ولا قوة. وكانت فى ابن القطان دعابة وميل شديد إلى النادرة، وروى ابن خلكان طائفة من نوادره، من ذلك أنه دخل على الوزير ابن هبيرة وعنده نقيب للأشراف يشتهر ببخله وكان دخوله عليه فى يوم حر شديد فى شهر رمضان، فقال له الوزير: أين كنت؟ فقال على البديهة: فى مطبخ سيدى النقيب أتبرد، يريد أنه ليس فيه نار ولا طبيخ فى رمضان، فضحك الحاضرون وخجل النقيب. ومازال يطرف البغداديين بنوادره حتى توفّى عن سن عالية ببغداد فى عيد الفطر سنة ٥٥٨

[٥ - شعراء التشيع]

مر بنا فى الفصل الأول كيف أن مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية أخذ يعم فى العراق منذ فواتح هذا العصر إذ كان البويهيون شيعة إمامية، فأخذ المذهب ينتشر فى عصرهم، وأخذ أتباعه يتكاثرون، وتكاثر معهم الشعراء، ومضوا ينظمون فى موضوعين أساسيين هما: مناقب على بن أبى طالب رضوان الله عليه، متحدثين عن سيرته وانتصاراته على مشركى قريش وغيرهم وما فتح الله عليه، متحدثين عن سيرته وانتصاراته على مشركى قريش وغيرهم وما فتح الله على يديه من حصون خيبر، مضيفين إلى ذلك كلّ ما يروى له من فضائل منذ اعتنق الدين الحنيف وجاهد فى سبيله إلى وفاته. أما الموضوع الثانى فهو بكاء الحسين وندبه، واتسع ذلك حتى أصبح يوم مصرعه مأتما عامّا فى كربلاء وبغداد، وهيأ لذلك أن حاكم بغداد البويهى معز الدولة ألزم الناس-كما أسلفنا-فى سنة ٣٥٢ بغلق الأسواق فى يوم عاشوراء، يوم مقتل الحسين، وأن ينصبوا القباب ويرفعوا فوقها المسوح السوداء، كما ألزمهم بأن تخرج النساء منشورات الشعور يندبن ويلطمن على الحسين. وأقيم مأتم مماثل فى كربلاء. ومنذ هذا التاريخ يتكرر هذا المأتم كل عام. وكان الإمامية لا يكتفون بهذا اليوم فكانوا يندبون الحسين فى أيام أخرى طوال العام، وإن لم يأخذ ندبهم فيها شكل هذا المأتم الكبير. على كل حال أعدّت هذه المآتم لأن يصبح بكاء الحسين وندبه موضوعا أساسيا فى شعر الشيعة الإمامية، وكثيرا ما تبارى الشعراء فيه يوم الاحتفال الكبير بذكرى مصرعه، ولا يزال هذا شأنهم إلى اليوم. ولن نستطيع أن نتحدث بالتفصيل عن شعراء الشيعة الإمامية فى العصر،

<<  <  ج: ص:  >  >>