للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جحظة (١)

اسمه أحمد بن جعفر من نسل البرامكة، كان شاعرا حسن الشعر، وكان يحسن الغناء على الطّنبور كما كان يحسن فنونا مختلفة مثل الطبيخ والنجوم، وله فى الطّنبوريين كتاب غير كتب أخرى فى عدة فنون، وكان من ظرفاء عصره وصاحب أخبار ومنادمة حاضر النادرة. وابن المعتز هو الذى لقبه بجحظة لقبه الذى اشتهر به إذ كان فى عينيه نتوء شديد، وكان قبيح الوجه تقتحمه العيون، وفى ذلك يقول ابن الرومى:

وارحمتا لمنادميه تحمّلوا ... ألم العيون للذّة الآذان

وكان الخليفة المعتمد يقرّبه منه، ولكن بيوت الخلفاء لم تفتح له بعده، وفتحت بعض بيوت الوزراء مثل العباس بن الحسن وزير المكتفى وابن مقلة وزير المقتدر.

وكان لا يبقى على شئ يصله من خليفة أو أمير أو وزير، فأكثر أيامه كانت بائسة، ولولا صنعته الطنبورية لعاش معدما. وهو من خير من يمثلون حياة الشعب التعسة، فقد كان كثير من الحكام والوجهاء يزورّون عنه لا لدمامته فقط، بل أيضا لما قيل من أنه كان دائما وسخ الثياب، وكان شيعيّا، فانصرف عنه كثيرون وأغلقوا أبوابهم فى وجهه. وكل ذلك كان يدفعه دفعا للاختلاط بأبناء الشعب وكانوا يتعلقون بشعره، فما إن ينظم شعرا حتى يدور فى بغداد وحتى تتناقله المجالس ويرويه الشباب وغير الشباب، حدّث هو نفسه، قال: كنت يوما عند عبد الله ابن المعتز فطلبت نعلى فلم أجده، فجعلت أقول:

يا قوم من لى بنعلى ... أو فى مصحّف نعل

يقصد بغلا يركبه. يقول: فسار هذا البيت حتى رواه الصبيان. وكان كثير من أشعاره الأخرى يرويها الصبيان أيضا، وكثير منها يحكى قصة بؤسه من مثل قوله:


(١) راجع فى جحطة وأخباره وأشعاره تاريخ بغداد ٤/ ٦٥ والفهرست ص ٢١٤ ومعجم الأدباء ٢/ ٢٤١ وابن خلكان والديارات ص ٢١، ٤٧، ٩٧ وزهر الآداب ٢/ ١٣٧ وذيل زهر الآداب ص ١٤٩ وتكملة الطبرى ص ٨، ١٩ والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>