للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو جعفر (١) بن سعيد وحفصة الرّكونيّة

هو أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن سعيد، من سلالة عمار بن ياسر، نزل أسلافه قلعة فى إقليم غرناطة نسبت إليهم، وحين نشبت فتنة قرطبة فى نهاية القرن الرابع وظلت إلى نحو الربع الأول من القرن الخامس الهجرى استقلت بها هذه الأسرة، وعادت إلى الاستقلال بها فى نهاية عصر المرابطين حين نشبت عليهم الفتنة فى الأندلس. ثم دان زعيمهم عبد الملك بن سعيد للموحدين وكان قبل إعلان ولائه لهم حاول أن يتخذ من ابنه أبى جعفر أحمد وزيرا له يدبر معه شئون القلعة، وكان شاعرا وفى ريعان شبابه فاعتذر له بأنه صاحب لهو وطرب، ولا يصلح لوزارته، فأعفاه، ومضى يعيش للهوه مع رفاقه، حتى إذا نزل عبد المؤمن بجبل الفتح سنة ٥٥٦ وأقبلت إليه وفود الأندلس تعلن ولاءها له رأيناه يفد عليه مع أبيه ويقدم إليه بعض مدائحه. وولّى عبد المؤمن على بلدان الأندلس بعض أبنائه وقواده، وكانت غرناطة من نصيب ابنه أبى سعيد عثمان، وكانت فيه صرامة مع محبته للآداب وإسباغ المكافآت والنوال على الشعراء. وطلب وزيرا أديبا من أهلها يستعين به ووصف له أبو جعفر وحسبه وأدبه فاستوزره، وحاول أن يستعفيه، فأبى، وتقلد وزارته.

وكان أبو جعفر قد كلف بفتاة شاعرة ذات جمال وحسب وثراء هى حفصة الرّكونيّة، وكان أبوها قد لفته ذكاؤها، فعنى بتربيتها، وأتاح لها من الحرية ما جعلها تلقى الأدباء والشعراء وتحاورهم، وتأخذ سريعا مكانة رفيعة فى بلدتها، ويبلغ من مكانتها أن تفد على عبد المؤمن بجبل الفتح وأن تنشده متلطفة:

يا سيّد الناس يا من ... يؤمّل الناس رفده

امنن علىّ بطرس ... يكون للدّهر عدّه

تخطّ يمناك فيه ... الحمد لله وحده

مشيرة بالشطر الأخير إلى العلامة السلطانية عند الموحدين، إذ كان سلطانهم يكتب


(١) انظر فى ترجمة أبى جعفر بن سعيد وشعره المغرب ٢/ ١٦٤ والإحاطة ١/ ٢١٤ والنفح ٤/ ١٧٣ - ٢٠٤. وراجع فى ترجمة حفصة وأشعارها المغرب ٢/ ١٣٨ - ١٣٩ و ٢/ ١٦٦ والمطرب ص ١٠ والإحاطة ١/ ٤٩١ وانظر ص ٢٢٠ والتحفة رقم ١٠٠ ومعجم الأدباء ١٠/ ٢١٩ والنفح ٤/ ١٧١ - ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>