للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حبيب (١)

هو أبو الوليد إسماعيل بن محمد الملقب بحبيب، من أهل إشبيلية، كانت له ولأبيه قدم فى الرياسة عند المعتضد أميرها، ولقبه الضبى بالوزير الكاتب، وقال فيه ابن بسام: «كان سديد سهم المقال، بعيد شأو الرويّة والارتجال. . ولو تحاماه صرف الدهر، وامتد به قليلا طلق (٢) العمر، لسدّ طريق الصباح، وغبّر فى وجوه الرياح، إذ توفى ابن اثنتين وعشرين سنة» وانفرد ابن سعيد بقوله إن المعتضد قتله، والراجح أنه توفى شابا معتبطا بغير علة قريبا من سنة ٤٤٠ للهجرة، وكان-كما يقول ابن الأبار-آية فى الذكاء والفهم والبلاغة وتجويد الشعر على حداثة سنه. وله كتاب البديع فى وصف الربيع جمع فيه أشعار أهل الأندلس خاصة فى الربيع ومشاهده وأزهاره ورياحينه، قال فى فاتحته:

«فصل الربيع آرج وأبهج، وآنس، وأنفس، وأبدع، وأرفع، من أن أحدّ حسن ذاته، وأعدّ بديع صفاته. . وهو مع صفاته الرائقة، وسماته الشّائقة، وآلائه الفائقة، لم يعن بتأليفه أحد، ولا انفرد بتصنيفه منفرد».

وقد جمع حبيب فى كتابه أروع ما للأندلسيين فى وصف الربيع سواء ما نظموه فيه خاصة وما أودعوه مقدمات مدائحهم، وأضاف إلى ذلك بعض ما كتبوا فيه رسائلهم من وصف الأزهار، وأشاد برسالة ابن برد إلى أبى الوليد بن جهور وما بثه من حوار فيها بين خمسة نواوير هى الورد والنرجس الأصفر والبنفسج والبهار والخيرىّ النمام واعتراف النواوير الأخيرة بفضل الورد وكتابتها عهدا أو وثيقة بذلك على نحو ما مرّ بنا فى غير هذا الموضع. وأردف حبيب رسالة ابن برد برسالته إلى المعتضد حاكاه فيها مفضلا البهار على الورد مع وصفه لسبعة من نواوير الربيع، وهو يستهل رسالته بإنكاره لتفضيل ابن برد الورد عليها فى رسالته، يقول:

«أول من رأى ذلك الكتاب (رسالة ابن برد فى تفضيل الورد) وعاين الخطاب، نواوير فصل الربيع التى هى جيرة الورد فى الوطن، وصحابته فى الزمن، ولما قرأته


(١) انظر فى ترجمة حبيب الذخيرة ٢/ ١٢٤ والجذوة ١٥٢ والبغية رقم ٥٣٤ والتكملة (البقية الجديدة) ص ٢١٩ والمغرب ١/ ٢٥٠. وراجع كتابه: «البديع فى وصف الربيع بتحقيق هنرى بيريس طبع الرباط سنة ١٩٤٠. وطبع فى السعودية بتحقيق د. عبد الله عسيلان.
(٢) طلق: شوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>