ابن الإخشيد وكافور ولم يلبث على أن توفى سنة ٣٥٥ وتولى أمر الدولة فى مصر والشام بعده كافور الحبشى باتفاق من أعيان مصر وجندها. وكان الإخشيد اشتراه من بعض رؤساء مصر وأعتقه ورقّاه حتى جعله من كبار قواده لما رأى فيه من الحزم وحسن التدبير، وكان شجاعا مقداما.
وظلت ولايته على مصر والشام إلى وفاته فى جمادى الأولى سنة ٣٥٧ وتولّى بعده على بن أحمد بن الإخشيد، وكان صبيا، واضطربت أحوال الشام فى عهده اضطرابا شديدا بسبب غارات القرامطة المتكررة وما كان يصحبها من الفوضى والنهب والسلب. وسرعان ما سقطت مصر فى يد الفاطميين لسنة ٣٥٨ وبذلك انقرضت دولة الإخشيديين.
٢ - الحمدانيون (١)(سيف الدولة)
منذ أواخر القرن الثالث الهجرى أخذ يتألق اسم أسرة تغلبية عربية هى الأسرة الحمدانية، وقد استطاع مؤسسها حمدان فى سنة ٢٧٧ أن يستولى على قلعة ماردين فى الموصل، وأخذت أسماء أبنائه وأحفاده تلمع فى أحداث الخلافة المضطربة، ولمع من بنيه مبكرا اسم أبى الهيجاء لاستيلائه على مدينة الموصل سنة ٢٩٣ وظلت فى يده ويد ابنه ناصر الدولة وحفيده أبى تغلب المتوفى سنة ٣٦٩. وقد استطاع ابنه على الملقب بسيف الدولة أن يستولى من الدولة الإخشيدية على حلب وحمص واللاذقية وأنطاكية وأسس فيها جميعا إمارة مستقلة منذ سنة ٣٣٣ للهجرة متخذا حلب عاصمة له. وحاول الاستيلاء على دمشق من الإخشيد-كما مربنا-غير أن المصريين ردوه على أعقابه فاكتفى بإمارته. وندب نفسه لمهمة عظمى طالما هيأ نفسه لها منذ شبابه، وهى النهوض بعبء الحرب ضد الروم البيزنطيين. وكان أول لقاء له معهم فى سنة ٣٣٦ إذ أغاروا على أطراف الشام ونهبوا وسبوا فلحق بهم وأذاقهم نكالا شديدا، وردّ منهم كل ما سلبوه من أهل الشام.
ويكتب له منذ السنة التالية مجد حربى عظيم ضد الروم، ويسجله له لوحات شعرية ناطقة المتنبى الذى نزل بلاطه حينئذ، ولزمه حتى سنة ٣٤٦ يسجل ويصور ملاحمه الحربية الساحقة للروم سحقا ذريعا.
(١) انظر فى الأسرة الحمدانية وسيف الدولة كتب التاريخ السالفة والجزء الأول من زبدة الحلب فى تاريخ حلب لابن العديم (طبع المعهد الفرنسى بدمشق-تحقيق الدكتور محمد سامى الدهان) وراجع اليتيمة للثعالبى ١/ ١٥ وما بعدها ودائرة المعارف الإسلامية وما بها من مراجع فى الحمدانيين وسيف الدولة