للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سنة ٣٢٢ منظومة (١) تاريخية يصف فيها انتصاراته على مدار تلك السنوات البالغة اثنتين وعشرين سنة، وهو يستهلها بالتسبيح والتحميد، وينوه بالناصر وحسبه ونسبه وتقواه، ثم يقص غزواته موزعة على تلك السنين بهذا الأسلوب الذى نقرؤه فى حديثه عن غزوة المنتلون بجيّان:

أرجفت القلاع والحصون ... كأنما ساورها المنون (٢)

وأقبلت رجالها وفودا ... تبغى لدى إمامها السّعودا

قلوبهم باخعة بالطّاعة ... قد أجمعوا الدّخول فى الجماعه

وأسلوب ابن عبد ربه فى المنظومة جميعها يخلو من التصاوير مما يدخلها فى دوائر الشعر التاريخى التعليمى كمنظومة على بن الجهم التاريخية التى ألممنا بها فى كتاب العصر العباسى الثانى، وفى الحق أن أجنحة ابن عبد ربه كانت من القصر بحيث لم يستطع أن يحلّق فيها بين شعراء الملاحم المبدعين.

ابن (٣) دراج القسطلى

هو أبو عمر أحمد بن محمد بن دراج ولد سنة ٣٤٧ فى بيت من بيوت قبيلة صنهاجة المغربية بمدينة من أعمال جيّان تسمى قسطلة دراج، وفى نسبتها إلى جده ما يدل على عراقة أسرته، وألحقه أبوه منذ نعومة أظافره بكتاب حفظ فيه القرآن وبعض الأشعار على عادة لداته، حتى إذا أتم حفظ القرآن انتقل إلى حلقات الشيوخ بجيّان فاتسعت ثقافته اللغوية والأدبية. ويبدو أن ملكته الشعرية تفتحت مبكرة، فأخذ ينظم الشعر حتى عرف بين شعراء بلدته، ولم يلبث أن تزوج وأنجبت له امرأته بنتا وطمحت نفسه إلى الشهرة، فرأى أن يرحل إلى قرطبة محاكيا بذلك بعض شعراء جيان ممن سبقوه إليها


(١) أنظر فى هذه المنظومة العقد الفريد لأبن عبد ربه (طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر) ٤/ ٤٩٩ وما بعدها وسنلهم بها بأخرة من هذا الفصل.
(٢) أرجفت: اضطربت من الفزع. ساورها: صارعها.
(٣) راجع فى ترجمة ابن دراج وشعره الذخيرة ١/ ٥٩ وما بعدها والحميدى ١٠٢ واليتيمة للثعالبى (طبعة محمد محبى الدين عبد الحميد) ٢/ ١٠٣ وما بعدها والصلة لابن بشكوال رقم ٧٥ وبغية الملتمس رقم ٣٤٢ والمغرب ٢/ ٦٠ والمطرب ص ١٥٦ والمعجب للمراكشى ص ٨٥ والبيان المغرب لابن عذارى ٢/ ٢٧٤ و ٣/ ٩ وفى مواضع مختلفة وأعمال الأعلام لابن الخطيب ص ١٢٢ - ١٢٤ وأيضا فى مواضع مختلفة وابن خلكان ١/ ١٣٥ ومقدمة ديوانه المنشور بدمشق تحقيق د. محمود مكى وكتابنا الفن ومذاهبه فى الشعر العربى (الطبعة الحادية عشرة) ص ٤٢٤ وتاريخ الأدب الأندلسى عصر سيادة قرطبة للدكتور إحسان عباس ص ١٩١ والأدب الأندلسى للدكتور هيكل ص ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>