للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

نشاط الشعر والشعراء

١ -

تعرّب (١) السودان

عرف السودان الجنس العربى قبل الإسلام بعدة قرون عن طريق التبادل التجارى بين الجزيرة العربية والشاطئ الإفريقى، ويظنّ أن بعض ملوك حمير استولى على أجزاء من هذا الشاطئ أو من أرض الحبشة، وتؤكد هجرة المسلمين فى بدء الدعوة الإسلامية من مكة إلى الحبشة أن أهل الحجاز كانوا يعرفون الشاطئ المقابل وسكانه من الحبشة والسودان. ولكن ليس هذا هو التعرب الذى نريده، فنحن لا نريد معرفتهم بالجنس العربى ومتى بدأت، إنما نريد تكلمهم بالعربية ومتى أصبحوا يعدّون شعبا عربيا، ولم يحدث ذلك إلا بعد إسلامهم وبعد هجرة قبائل عربية كثيرة إليهم.

وكان أول احتكاك بين العرب المسلمين وأهل السودان فى عهد الخليفة عثمان إذ أرسل إليه واليه على مصر: عبد الله بن سعد بن أبى سرح سنة ٣١ هـ‍/٦٥١ م حملة تغلغلت فى مملكة مقرة الشمالية إلى عاصمتها دنقلة وكانت دولة مسيحية أدخلتها مصر قديما فى الدين المسيحى مثل مملكة علوة جنوبيها والحبشة. وانتصر الجيش المصرى انتصارا حاسما وعقدت بين مصر ومقرة معاهدة كان من بنودها صيانة المسجد الذى بناه المسلمون بدنقلة وخدمته وإضاءة السراج فيه ليلا. ونسمع عن عشائر من قبيلة بلىّ وجهينة نزلت فى قبائل البجّة شرقى السودان، وبالمثل عبرت عشائر من هوازن البحر الأحمر إليها. ويحدث أن تغير قبائل البجّة على أسوان فى عهد المأمون فيرسل إليها حملة تقهرها وتعقد معها معاهدة تنصّ على أن لا تهدم البجّة شيئا من المساجد التى بناها المسلمون فى سائر ديارها طولا وعرضا. وبذلك فتحت الأبواب على مصاريعها لنزول القبائل العربية بين أهل البجّة، ونزحت إليها عشائر كثيرة من قبيلة ربيعة


(١) انظر فى تعرب السودان ما كتبناه فى الفصل الأول عن السودان فى العصور الإسلامية ودولة الفونج، وكتاب تاريخ الثقافة العربية فى السودان للدكتور عبد المجيد عابدين ص ٩ - ٢٦ وتاريخ السودان القديم والحديث لنعوم شقير ودائرة المعارف الإسلامية وكتاب العربية فى السودان للشيخ عبد الله عبد الرحمن الأمين ويعرض بالتفصيل دخول العرب فى السودان على مر التاريخ والطرق التى سلكوها إليه وما شاع فى السودان من العادات العربية وأمثال العرب ولغتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>