هو ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد الأرّجانى نسبة إلى أرّجان من كور الأهواز من بلاد إقليم خوزستان، ولد سنة ٤٦٠ ويقول العماد الأصفهانى فيه:«منبت شجرته أرّجان، وموطن أسرته تستر وعسكر مكرم من خوزستان، وهو وإن كان فى العجم مولده فمن العرب محتده، سلفه القديم من الأنصار» فهو عربى النجار، فارسى الموطن. وقد أرسل به أهله إلى المدرسة النظامية بأصفهان حين شبّ عن الطوق، فظل بها، حتى تخرج فيها فقيها شافعيا، يحسن الحكم بين الخصوم والفتيا، وتفجر الشعر على لسانه، فقصد به الوزير السلجوقى المشهور نظام الملك، منذ سنة نيف وثمانين وأربعمائة، وظل ينظمه إلى وفاته بتستر سنة ٥٤٤ وكأنه مات عن سن عالية، وكان يفتخر بأنه فقيه ويحسن الشعر وفى ذلك يقول:
أنا أشعر الفقهاء غير مدافع ... فى العصر، بل أنا أفقه الشعراء
وأعدّته معرفته العميقة بالفقه لكى يشتغل بالقضاء فى موطنه ببلاد خوزستان، تارة بتستر، وتارة بعسكر مكرم عن قاضيها ناصر الدين أبى محمد ومن بعده عن عماد الدين أبى العلاء، وفى ذلك يقول:
ومن النوائب أننى ... فى مثل هذا الشغل نائب
ومن العجائب أنّ لى ... صبرا على هذى العجائب
وكان يحسن الفارسية وترجم منها عددا من الرّباعيات، وأكثر شعره فى المديح، ونراه كما مر بنا يمدح نظام الملك حتى إذا خلفه الوزير تاج الملك مدحه بلامية يقول فيها:
كم موقف دون العلاء وقفته ... والخيل بالأسل الطّوال تصول
ونراه يمدح وزراء بركياروق حين استولى على صولجان الحكم بعد أبيه ملكشاه، وفى مقدمتهم الوزير الدهقانى وفيه يقول:
فأتى به العصر الأخير وقصّرت ... عن شأوه وزراء كلّ الأعصر
ويظلّ على صلة وطيدة بسلاطين السلاجقة، يروح إليهم ويغدو بالمدائح، وله فى السلطان محمود مدائح مختلفة، من مثل قوله:
(١) راجع فى ترجمة الأرجانى ابن خلكان ١/ ١٥١ والسبكى ٦/ ٥٢ شذرات الذهب ٤/ ١٣٧ ومرآة الزمان ٣/ ٢٨١ وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٣٠٦ والمنتظم ١٠/ ١٣٩. والنجوم الزاهرة ٥/ ٢٨٥ والأنساب ٢٤ ومعجم البلدان فى أرجان، وديوانه مطبوع قديما ببيروت.